الحرام

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحرام (1965)
الحرام.jpg
النوع دراما
قصة يوسف أدريس
سيناريو سعد الدين وهبه

إخراج هنري بركات
إنتاج دولار فيلم
الدولة مصر
تمثيل فاتن حمامة و عبدالله غيث و زكي رستم و حسن البارودي و عبدالعليم خطاب و كوثر العسال
اللغة العربية
المدة 96 دقيقة

الموضوع عنف جنسي
السينما IMDb


الحرام فيلم دراما مصري من إنتاج سنة 1965، مأخوذ عن رواية الحرام ليوسف إدريس وكتب السيناريو والحوار سعد الدين وهبة وأخرجه هنري بركات.

قصة الفيلم

يبدأ الفيلم برواية صوتية عن قرية كسائر القرى المصرية مع صورة من منظور عين الطائر، ثم مع تغير الرواية لكونها أكثر دقة، تأخذ الكاميرا في التضييق حتى يصل إلى أضيق نقطة وهي البشر الجوعى المرضى الفقراء وتنتهي الرواية الصوتية وتسلّم الرواية للأحداث والشخصيات. الحدث الذي يستهل به الفيلم أحداثه هو وصول الناظر (زكي رستم) الذي يستقبله كل هؤلاء الجوعى الفقراء وهو يرتدي البدلة والطربوش. يجلس الناظر مع ريس الأنفار (عبد العليم خطاب) وراء باب مغلق ولا نعلم شيء مما يقال إلا حين يخرج أحدهم من الداخل معلنًا السعر الذي تم الاتفاق عليه كيومية للأنفار، فيأخذ ريس الأنفار رجال ونساء في سيارات نقل لمكان ما بينما تقول إحدى النساء المشاهدات للسيارات "أهيه الترحيلة جات وبكرة مش هنلاقي المش ناكله".

ثم يبدأ الحدث الأكبر في الفيلم وهو أن الغفير عبد المطلب (حسن مصطفى) يجد رضيًعا ميتًا ملقى إلى جانب الترعة فيدعو شيخًا عجوزًا (محمد إدريس) ليقول أن هذا الرضيع مقتولًا منخنقًا. وحينها يبدأ الحديث بالسريان في القرية أن هناك "لقيط" وجد لدى الترعة وأن أمه قتلته. وحين يصل الخبر إلى الناظر، يتهم النساء اللاتي يعملن بالترحيلة حيث أن واحدة منهن فعلتها ولا شك، ويوافقه الرجال الذين رأوا الطفل. ثم يبدأوا الناظر والشيخ ورجل من العامة تخمين من من النساء يمكن أن تكون قد فعلتها، فيذهب الناظر إلى الأرض الزراعية لكي يتفقد بنفسه كل النساء اللاتي يعملن في الترحيلة ليتأكد أنهن جميعًا يعملن وبهذا فإنه لا يمكن أن تكون إحداهن هي الفاعلة. فيعود الناظر إلى مكتبه ويجتمع بالباشكاتب (حسن البارودي) والكاتب ليناقشهما فيمن ولدت وأزهقت هذا الطفل وحين لا يستطيعون التوصل لها، يقرر الناظر إبلاغ الشرطة. يأتي الضباط برئاسة أكبرهم (أنور مدكور) ويبدأ التحقيقات بسؤال كل النساء العاملات في الترحيلة وحين الانتهاء من التحقيق نرى فروض الطاعة (متمثلة في الكثير من الطعام والدواجن الحية) تقدم هدية لأفراد الشرطة. ويتقرر بالنهاية تقييد الواقعة ضد مجهول ودفن الرضيع.

يهرع الباشكاتب إلى منزله باحثًا عن ابنته التي تقول أمها أنها مريضة وتشعر بالمغص فيقول ابنه دميان (عبد السلام محمد) مازحًا أنها لابد الفاعلة، فيصفعه أبوه ويهرع لابنته ويطمئن بأن يسألها إن كان المغص في أسفل بطنها أم في أعلاه فتشير إلى معدتها فيطمئن. ولكنه يجري ليستدرج ابنه ليعرف أي شيء عن "صفوت" وما إذا كان له علاقة بابنته أو أخرى. وهنا نرى صفوت (سامي سرحان) وهو شاب يتحرش بكل امرأة تمر إلى جانبه حاملًا بندقية الصيد ونعرف فيما بعد أنه ابن الناظر وهو ما يبدو أنه يعطيه سطوة ما ليمارس ما يمارسه، حتى أن أبيه يحذره قائلًا: "إياك يكون لك صلة بالمسألة دي" قاصدًا الرضيع.

تدور بالقرية أحاديث كثيرة عن كل النساء: ففلانة تسكن إلى جوار المكان الذي يصيد به صفوت اليمام، وفلانة -على الرغم من زواجها- استضافت ابن خالتها في بيتها أسبوعًا، فنرى كيف ينظر الرجال إلى النساء. ثم ينتقل الحديث من النساء إلى الرجال، فهو إما البوسطجي لما له من صلاحية دخول البيوت، أو دميان لأنه ساهي غير أن هناك رأي أنه لا يستطيع القيام باتصال جنسي لأنه يعاني إعاقة ذهنية، أو كاتب الدائرة لأنه أعزب ويستضيف في بيته نساء.

يظهر - بعد ذلك - دمج بين حادثة ولادة الرضيع والمتهم في التسبب فيها نساء الترحيلة وحادثة فقس دودة القطن والمتهم في التسبب فيها رجال ونساء الترحيلة (لأنهم من يعملون بها). وحين يذهب الناظر لتوبيخ ريس الأنفار على فقس الدودة، تقع عينه على إحدى العاملات بالترحيلة نائمة مستظلة فيوبخ الريس فيقول أنها -عزيزة (فاتن حمامة) مريضة منذ حدث لها "اللي حصل" وأن "ربنا أمر بالستر" فيفهم الناظر أنها هي من كان يبحث عنها ويسأل عرفة لم لم يخبره سابقًا فيقول أنها مسكينة وأنها تعول زوجها وأولادها. فيقرر الناظر أن ترتاح عزيزة وأن تستمر أجرتها. وهنا نرى عزيزة تقول من شدة الحمى "جدر البطاطا هو السبب" ثم يستعرض الفيلم كافة مراحل حياة عزيزة منذ زواجها من عبد الله (عبد الله غيث) وكيف اضطرهما الفقر إلى العمل في الترحيلات، ثم اضطرتهما اصابة عبد الله بالبلهارسيا للانقطاع عن العمل في الترحيلة مما أدى بعزيزة إلى العمل في أكثر من وظيفة حتى توفر الحياة لأسرتها. وحين يقول عبد الله أنه يشتهي البطاطا، تذهب عزيزة لغيط أحدهم لأخذ حبة أو اثنين من البطاطا، فيقوم ابن صاحب الأرض باغتصابها. حين تكتشف عزيزة حملها، تسعى لإجهاض نفسها بطرق شعبية محدثة ربها بأنها تعرف أن ما تفعله حرام ولكنها مضطرة لفعله لئلا تنفضح. وحين تفشل في الإجهاض، تغطي حملها بربط بطنها. ثم حين تشرف على الوضع، تأتي سيارة ترحيلات فترحل معها للعمل. وحين المخاض، تذهب لتلد بعيدة عن الأنظار وحين يصرخ ابنها، تضع يدها على فمه لئلا يلفت صوته النظر إليهما، فيموت الرضيع بغير عمدها، وتعود للعمل الصباح التالي ولكنها تصاب بالحمى من العمل في الشمس وحين تقول من أثر الحمى أنها من قتلت ابنها رغما عنها وبغير قصد، تنتشر الأقاويل عن هذا. ثم تعود الرواية إلى الوقت الحالي الذي ينشغل فيه كل من دارت عليهم الألسنة في حياتهم اليومية، ولا يبقى سوى عزيزة التي تعاني بشدة.

وحين يستمر الناظر في التستر على عزيزة، يكتب الباشكاتب للنائب العام يبلغه فيه بما حدث. وتحاول عزيزة الانتحار غرقًا فينقذها الجميع. ثم يدور حديث بين أهل القرية الذين كانوا يكرهون عاملات وعمال التراحيل وبين العاملات والعمال ويجري التآلف بينهم جميعًا، فيندم مسيحه الباشكاتب ويطلب من البوسطجي ألا يرسل الخطاب، فلا يرسله.

ولكن عزيزة تموت من أثر الحمى، ويعود الصراخ في العاملات والعاملين أن يستأنفوا العمل ولكنهم يأبون الاستمرار ويكسر عرفة رئيسهم العصا التي يستخدمها لضربهم للعمل. ويتفق الناظر والشيخ ورئيس الأنفار أن تعود جثة عزيزة لدفنها في قريتها هي.

تحليل الفيلم

يناقش الفيلم مواضيع عدة مثل الاغتصاب والأمومة والإجهاض كما يناقش تقاطعية الفقر مع الجندر وكيف يؤثر الفقر على حياة النساء بشكل أكبر مما يؤثر على حياة الرجال خاصة إذا اقترن الفقر بالمرض وكان على النساء إعالة العائلات. ولكن وجهة نظر الفيلم نفسه ملتبسة فيما يخص ما حدث لعزيزة فبالرغم من أن مشهد الاغتصاب لم يظهر عزيزة أنها مخطئة أو متسببة في اغتصابها إلا أن عزيزة نفسها حين اكتشفت حملها دعت ربها راجية أن يسترها ولا يفضحها حتى لا يموت زوجها كمدًا قائلة أنها "غلطانة"، وأن الشيطان هو من "كتّفها" محملة نفسها ذنب أنها لم تدافع عن نفسها بما يكفي في مواجهة المغتصب. كما أن وجهة نظر الفيلم تنظر للإجهاض كونه "حرام" لما أتى على لسان عزيزة بينما تحاول الإجهاض.

ولكن هناك أيضًا وجهة نظر في الفيلم تتعلق بقضية عمل النساء. حيث أن الرضيع بمجرد أن رآه أهل القرية، اتجه تفكيرهم جميعًا إلى أن النساء العاملات بالترحيلة هن من قد تصدر منهن مثل هذا الفعل، فكان الاتهام الأول والأشمل والأعم من كل القرية موجه لنساء الترحيلة، حتى أن هناك مشهد فيه أم تضرب ابنها لأنه يلعب مع أبناء نساء الترحيلة. ويقول الشيخ لدى اكتشاف الواقعة أن هذه النساء تحديدًا "الواحدة منهم اللهم احفظنا تحبل لجوا وتولد لجوا". وكأن النساء العاملات هن من قد تصدر منهن هذه الأفعال، وحين ذهب الاتهام إلى "الواقرات" في بيوتهن من أهالي القرية، طال المسيحية (وهذه تقاطعية أخرى) والمتزوجة التي استضافت ابن خالتها في بيتها أسبوعًا وكأن حتى صلة القرابة لا تشفع للنساء بتواجدهن مع الرجال

ينهي الراوي (الرجل ذو الصوت الرخيم - مما يذكرنا أن وجهة نظر الفيلم ليست مراعية للنساء) الفيلم بحديثه عن تساؤل الناس إن كانت عزيزة مخطئة أم أنها "شهيدة دفعتها إلى الخطيئة خطيئة أكبر منها". ففي الحالتين، تعتبر وجهة نظر الفيلم عزيزة مخطئة. ثم أن الحياة عادت سيرتها الأولى وعاد العمال والعاملات تحت سياط أصحاب النفوذ. والشجرة التي ولدت تحتها عزيزة (وهو تشبيه ديني للعذراء التي اتكئت إلى شجرة وهي تلد طفلها الذي ظن الناس أنها خاطئة لحمله) أصحبت مزارًا للنساء اللاتي لا ينجبن "في الحلال لا في الحرام" كما يقول الراوي - وهو أيضًا حكم أخلاقي عليها أنها ولدت ما ولدت في الحرام. وهنا تتضح وجهة نظر الفيلم أنها وإن كانت أظهرت فقر وحاجة عزيزة وعبد الله إلا أنها تعتبرها متهمة بشكل ما.

لمشاهدة الفيلم