رجولة

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مجموعة من الصفات والأنماط السلوكية والأدوار التي تحددها المجتمعات  للذكور، بالإضافة إلى حجم الجسد وشكله ومهاراته. وتختلف صفات الرجولة من مجتمع إلى آخر ومن وقت إلى آخر. وتعد الرجولة جزء من البنية الاجتماعية الأبوية المكرسة  للثنائية الجندرية شديدة التضاد (الرجل/الذكر في مقابل المرأة/الأنثى)، وبالتالي يُتوقع من النساء اجتماعيا أن يحملن كل ما هو نقيض للصفات الرجولية. (بالإنجليزية: Masculinity)

مفهوم الرجولة وارتباطه بالجسد

فمن ضمن سمات الرجولة المرتبطة بالذكور، على سبيل المثال لا الحصر، أن يكون الشخص مُتحمل للمسؤولية وأن يمتلك صفات الجدعنة كأن يكون متواجداً في أوقات الشدة مع أصدقائه وأن يفي بعهده، أن يتعامل مع الأمور اليومية بشكل عقلاني أي لا يدع مساحة لمشاعره بالتحكم في أفعاله، ولا يدع أيضاً مساحة للتعبير عن ضعفه أو هشاشته، أن يكون قوي جسدياً، وفي حالة بلوغه أن يكون هو المُعيل الأساسي مادياً لقريباته من النساء (الزوجة/ الأم/ الأخت .. إلخ)، أن يكون "غيور" على ذويه من النساء، وأن يفرض سيطرته على حياتهن كأن يتحكم في مظهرهن واختياراتهن وسلوكهن، وغيرها من الصفات الأخرى.

وبالتالي تعد الرجولة جزء من بنية إجتماعية أكبر مرتبطة بشكل مباشر بثنائية النوع الإجتماعي شديدة التضاد (الرجل/الذكر في مقابل المرأة/الأنثى)، فدائماً ما يُتوقع من النساء اجتماعياً أن يحملن كل ما هو نقيض للصفات الرجولية، كأن يكنَّ عاطفيات، ضعيفات، غير متحملات للمسؤولية، لا يمتلكن المهارات الكافية للإنخراط في سوق العمل، غير قادرات على حماية أنفسهن، وغيرها من الصفات الأخرى.

كذلك تلعب الأجساد أدواراً محورية في تجسيد بعض الصفات الحصرية المرتبطة بانتماء الفرد لأحد الجنسين الحصريين واعلان إنتمائه/ا هذا بالتمسك بمظهر معين لجسده/ا.

"إن المعنى الجسدي للذكورة ليس بالأمر البسيط، فإنه يحتوي على حجم وشكل الجسد، وعاداته وحركته، وإمتلاك بعض المهارات الجسدية المطلوبة وفقدان الأخرى، والصورة الذهنية للفرد عن جسده، والطريقة التي يتم تقديم هذا الجسد بها للأخريات والآخرين، والطريقة اللتي يتجاوبن/ يتجاوبون بها معه، وأيضاً الطريقة التي يؤدي بها في العمل والممارسات الجنسية. فالمعنى الجسدي للذكورة ينمو من خلال التاريخ الشخصي للممارسات الإجتماعية، أي التاريخ المُعاش في المجتمع."[1]


فعلى سبيل المثال لا الحصر، المتوقع دائماً من أجساد الرجال أن تكون قوية وصلبة وقادرة على تحمل الألم وقادرة على بذل المجهود الشاق وخشنة ودورها فاعل في كل الأنشطة الإجتماعية التي ينخرط فيها الذكور، بينما المُتوقع دائماً من أجساد النساء أن تكون ناعمة ورقيقة وضعيفة البنية وغير فاعلة في الأشغال اليومية، خاصةً تلك التي تتطلب مجهود بدني.


وبهذا يلعب القضيب دوراُ كبيراً في تشكيل الهوية الجندرية الرجولية، حيثُ أنه أحد المظاهر الجسدية التي يتم الرجوع إليها لتكريس وإعادة إنتاج التصنيف الثنائي البيولوجي/الإجتماعي القائم (ذكر/أنثى)، وبالتالي تضفي الرجولة على القضيب معانِ أخرى غير مرتبطة فقط بوظيفته البيولوجية، ولكنها تقدم أيضاً حدود لنمط القضيب المقبول إجتماعياً، كأن يكون حجمه كبيراً، ومستعد دائماً للممارسة الجنسية، وأن يكون فاعلاً أثناء تلك الممارسة. فالمُتوقع من القضيب، و المتوقع من أجساد الرجال ككل، أن يجسد كل المعايير الرجولية كالقوة والصلابة والقدرة على الإحتمال، وتكون كل تلك الصفات مقبولة، بل ومُمجدة من قِبل المجتمع، ويصبح امتلاكها بمثابة أرضية لإثبات خواص هوية الذكور/ الرجال، وتُقَدَم هذه الصفات باعتبارها النموذج الأمثل في بُنا القوة والسلطة الإجتماعية[2].

الرجولة المهيمنة والرجولة البيضاء

فهناك دائماً نمط مهيمن في الوعي الجمعي عن شكل الرجولة الأمثل (Hegemonic masculinity)، والتي عرفتها راوين كونيل (R.W. Connell) في ورقتها Hegemonic masculinity: Rethinking the concept، "أن النمط المهيمن عن شكل الرجولة الأمثل هو تجسيد الطريقة الأمثل في وقت ما لأن تكون رجلاً، وهذا يضع الرجال الآخرين في موقع مقارنة معه، وهو بالضرورة يشرعن الخضوع الكلي من النساء للرجال. ليس من المفترض أن يكون النمط المهيمن عن شكل الرجولة الأمثل هو الطبيعي، بالمعنى الإحصائي، أي أن أقلية شديدة من الرجال يُمكنها أن تكونه، ولكنه بالضرورة مقبول وممجد إجتماعياً (Normative masculinity) "[3]

بكلمات أخرى، إن الرجولة المُمارسة بشكل يومي والمقبولة إجتماعياً (normative masculinity) تعطي طيف أوسع نسبياً للحركة فيه، فيستطيع الرجال أن يحيدوا نسبياً، وفي حدود شديدة الضيق، عن النمط المهيمن في الوعي الجمعي عن شكل الرجولة الأمثل (Hegemonic masculinity)، فعلى سبيل المثال التصور الأمثل للرجل في الوعي الجمعي أن يكون قوي بدنياً وعضلياً، ولكن لا يتم التعامل مع الرجال الأضعف بدنياً، في حدود معينة ليست شديدة الوضوح، على أساس أنهم ليسوا رجال. إذاً فهناك قبول إجتماعي لصور رجولية لا تجسد النمط المهيمن في الوعي الجمعي عن شكل الرجولة الأمثل (Hegemonic masculinity)، ولكنه مقبول في الممارسة الإجتماعية اليومية.

توضح راوين كونيل في كتابها الجندر والسلطة (Gender and Power)، أن المقصود بال "هيمنة" في مصطلح الرجولة المهيمنة، "هو سطوة إجتماعية تتحقق في لعبة القوى الاجتماعية، أي أنها تمتد إلى ما هو أبعد من القوة الغاشمة، فتصبح جزء من تنظيم الحياة الخاصة للأفراد وعمليات تكوين الثقافة الجمعية في المجتمع. فسطوة مجموعة من الرجال على غيرهم باستخدام تهديد السلاح أو التخويف من فصلهم من العمل، ليست هي الهيمنة المقصودة، بينما السطوة التي يتم تضمينها في العقائد والممارسات الدينية وفي محتوى وسائل الإعلام وهياكل الأجور وتصميم المساكن وسياسات الرفاهية والضرائب وما إلى ذلك، هي الهيمنة المقصودة.


لا تشير الهيمنة إلى الهيمنة القائمة على القوة المادية، فمن الشائع أن يدعم الإثنان أحدهما الآخر، فالعنف البدني والإقتصادي يدعم نمط ثقافي أو أيديولوجي مهيمن يبرر وجود واستمرار أصحاب السلطة المادية. ولا تعني الهيمنة الهيمنة الثقافية الكلية، وطمس البدائل، ولكنها تعني تحقيق تلك السطوة في إطار توازنات من القوى، فأنماط الرجولة الأخرى تصبح خاصعة وفي مرتبة أدنى، لكن لا يتم القضاء عليها.


لا يجب أن يتطابق النمط الثقافي الأمثل للرجولة مع أنماط شخصيات الغالبية من الرجال، بل إن سطوة الهيمنة غالباً ما تنطوي على خلق نماذج خيالية للرجولة، مثل الشخصيات السينمائية، أو من خلال عمل دعاية لشخصيات حقيقية ولكنها بعيدة كل البعد عن التحقيق الواقعي، فيصبح لها أثر المثل الأعلى الذي يتعذر الوصول إليه أو تحقيقه. الوجه الشعبي للرجولة المهيمنة ليس بالضرورة ما يكون عليه الرجال أصحاب السلطة، ولكنه ما يضمن استمرار سلطتهم وما يدفع أعداد كبيرة من الرجال لدعمه.

"تُبنى الرجولة المهيمنة من خلال علاقتها بالنساء وبالرجوليات الثانوية الأخرى، ولا يجب أن تكون تلك الرجوليات الأخرى محددة بوضوح، بل إن تحقيق الهيمنة يمكنه أن يعتمد على منع البدائل من اكتساب تعريف ثقافي واضح أو الاعتراف بها كبدائل، ويتم ذلك من خلال حصرها في مجتمعات مغلقة (جيتوهات). "[4]

مصادر