ترجمة:العدمية الجندرية: بيان مضاد

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Tango Globe of Letters.svg

محتوى متن هذه الصفحة مترجم من لغة غير العربية أنجزته المساهموت في ويكي الجندر وفق سياسة الترجمة.

شعار ويكي الجندر.svg
مقالة رأي
ترجمة حسين الحاج من الإنجليزية
تحرير
بيانات الأصل:
العنوان الأصلي Gender Nihilism: An Anti Manifesto
المصدر libcom
تأليف آليسون إيسكالانتي
تاريخ النشر 2016-06-22
تاريخ الاسترجاع 2017-10-20
مسار الأصل http://libcom.org/library/gender-nihilism-anti-manifesto


قد توجد وثائق أخرى من نفس المصدر مصنّفة على تصنيف:وثائق مصدرها libcom

{{#createpageifnotex:تصنيف:مقالات رأي|{{صفحة_تصنيف_نوع_وثائق}}}} {{#createpageifnotex:تصنيف:وثائق مصدرها libcom |{{صفحة_تصنيف_مصدر_وثائق}}}}




توطئة المترجم

“ العدمية الجندرية" هي تيار مختلف في خطاب سياسات النوع الإجتماعي، ويسري بين أنصار المتحولين والمتحولات جندريًا والكويريين والكويريات من مختلف تيارات أقصى اليسار وما بعده. ويمثل بيان إيسكالانتي المضاد بصفته نصًا تأسيسًا لذلك التيار، حيث أنه أضاف الكثير إلى النقاش حول جوهرانية النوع الإجتماعي في العديد من دوائر الراديكالية.

تصدير الموقع الناشر

تنتقد آليسون إيسكالانتي اعتماد مجتمع المتحولات جندريا على الجوهرانية الجندرية وتقدم مقترحًا للنفي الجذري بصفته حلاً للاغتراب والقمع الجندريين. سيتم تضمين بيانها في مجلد المختارات القادم المعنون "اللعنة على سجنكم الجندري المحايد!: انتفاضة عدمية ضد النوع الإجتماعي".

يرجى ملاحظة أن هذه النسخة قد أضيف إليها مقتطف من الملحق الذي كتبته المؤلفة التي تشير فيه إلى بعض القصور في النص الأصلي.

مقدمة

نحن في ورطة، لأن السياسات الحالية لتحرر التحول الجندري دعّمت إدعاءاتها بوعي تخليصي عن الهوية. وأصبحنا نؤمن أن هناك حقيقة داخلية للنوع الإجتماعي يجب علينا تقديسها، سواء كان ذلك من خلال تشخيص طبيب أو محلل نفسي، أو من خلال تأكيد ذاتي شخصي اتخذ صورة إفصاح إجتماعي. مهد عدد لا نهائي من المشاريع السياسية الإيجابية الطريق الذي نطرقه حاليًا، وكذلك عدد لا نهائي من الضمائر وأعلام الفخر والنعوت. وقد طمحت الحركة الجارية ضمن سياسات التحول الجندري في محاولة توسيع التصنيفات الجندرية، على أمل أن تستطيع أن تخفيف ضررها، لكن هذا شيء ساذج. فجوديث بتلر تشير إلى النوع الإجتماعي بصفته "النظام الذي يترافق فيه إنتاج وتطبيع المذكر والمؤنث مع الأشكال البينية التي يفترضها النوع الإجتماعي هرمونيًا وكورسوميًا ونفسيًا وأدائيًا". وإذا كانت السياسات الليبرالية الحالية لأخواتنا ورفيقاتنا المتحولات جندريًا متجذرة في محاولة توسعة الأبعاد الإجتماعية التي خلقها هذا النظام، فإن عملنا هو السعي من أجل القضاء عليه.

نحن راديكاليات اكتفين من محاولات الإبقاء على النوع الإجتماعي، لأننا لا نؤمن أن نستطيع أن نجعله يعمل لصالحنا، وننظر إلى كراهية التحول الجندري التي نواجهها في حياتنا، و العنف الجندري الذي تواجهه رفيقاتنا من المتحولات جندريًا ومحازيه، وندرك أن النظام نفسه هو من يجعل هذا العنف حتميًا، لكن كيلنا قد طفح.

نحن لا نسعى إلى خلق نظام أفضل، حيث أننا لسنا مهتمين بالسياسات الإيجابية على الإطلاق. كل ما نطالب به في الحاضر هو هجوم غير متوان على النوع الإجتماعي وأنماط المعنى الإجتماعي والتحديد التي تخلقها.

يكمن في قلب هذا البيان عدة مباديء سنستكشفها بالتفصيل هنا، وهي: الإنسانوية المضادة بصفتها أساسًا وحجر زاوية، وإلغاء الجندر بصفته مطلبًا، والنفي الجذري بصفته منهجًا.

الإنسانوية المضادة

الإنسانوية المضادة هي حجر الزاوية الذي يجعل التحليل الجندري العدمي متماسكًا، وهي النقطة التي نبدأ من خلالها فهم وضعنا الحالي، ولذلك فهي مهمة. نقصد بالإنسانوية المضادة أننا نرفض الجوهرانية، فليس هناك جوهر للإنسانية، ولا طبيعة بشرية، ولا ذات متجاوزة. أن تكون ذاتًا لا يعني أن تتشارك الحالة الميتافزيقية للوجود (الأنطولوجية) مع ذوات آخرين.

ليست الذات إلا منتج سلطة. عندما يقال "أنا" في عبارات مثل "أنا رجل" أو "أنا إمرأة" فلا تتجاوز تلك "الأنا" تلك العبارات، لأنها لا تكشف أي حقيقة بشأن "الأنا"، بل بالأحرى تؤسس "الأنا". ليس هناك رجال ونساء بصفتهم نعوت لتصنيفات ميتافزيقية أو جوهرية للوجود محددة، بل هم رموزًا خطابية واجتماعية ولغوية موقوفة تاريخيًا. وإنهم يتطورون ويتغيرون عبر الزمن، حيث تحدد السلطة دلالتهم دائمًا.

ربما لا توجد ماهيتنا، التي هي جوهر وجودنا، في العالم التصنيفي للوجود مطلقًا. فليست الذات إلا حشد السلطة والخطابات مجتمعة. وكل كلمة تستخدمها كي تعرف نفسك، وكل هوية تجد لنفسك فيها مكانًا هو نتيجة لتطور تاريخي من السلطة. لا يشير النوع الإجتماعي والعرق والجنسانية وكل تصنيف معياري آخر إلى الحقيقة عن جسد الذات أو روح الذات، بل تؤسس تلك التصنيفات الذات الموضوعية والذات الذاتية. فليس هناك ذات ثابتة، ولا "أنا" متسقة، ولا ذات متجاوزة تاريخيًا. يمكن فقط أن نشير إلى الذات باستخدام اللغة التي منحت لنا، وتلك اللغة متقلبة على مدار التاريخ، وتستمر في التقلب في حياتنا اليومية يومًا بعد يوم.

ونحن لسنا إلا حشد العديد من الخطابات واللغات المختلفة التي هي بعيدة تمام البعد عن سيطرتنا، لكننا ما زلنا نختبر شعور الفاعلية. فبينما ننتقل بين تلك الخطابات، نخربها أحيانًا، وننجو منها دائمًا. لا تدل القدرة على التنقل على ذات ميتافزيقية تعمل على أساس شعور بالفاعلية، بل تدل على أن هناك رخاوة خطابية ورمزية تحيط بتأسيسنا.

ومن ثم نفهم النوع الإجتماعي من خلال تلك المفاهيم، فنحن نرى النوع الإجتماعي بصفته مجموعة من الخطابات المتجسدة في الطب والطب النفسي والعلوم الإجتماعية والدين وتعاملاتنا اليومية مع الآخرين. لكننا لا نرى النوع الإجتماعي بصفته خصيصة "لذواتنا الحقيقية"، بل بصفته نظام شامل من المعنى والإدراك حيث نجد أنفسنا نعمل بداخله. ولا ننظر إلى النوع الإجتماعي بصفته شيء حيث يمكن للذات الثابتة أن تتدعي امتلاكها، بل على النقيض من ذلك، نقول أن النوع الإجتماعي شيء يفعل ويتم المشاركة فيه، وأن ذلك الفعل هو فعل مبدع حيث تتأسس الذات وتعطى معنى وأهمية اجتماعية. ولا تتوقف راديكاليتنا هنا، بل نعلن أنه يمكن تقديم الدليل التاريخي كي نوضح أن النوع الإجتماعي يعمل بذلك الأسلوب. فقد كانت أعمال النسويات المتحررات من الإستعمار مؤثرة في توضيح الطرق التي فرضت بها التصنيفات الجندرية الغربية بعنف في المجتمعات المحلية، وكيف تطلب ذلك تحولاً لغويًا وخطابيًا كاملاً. ابتدع الإستعمار تصنيفات جندرية جديدة، وخلفت معهم طرق عنيفة جديدة لفرض مجموعة معينة من المعايير المجندرة، لكن الجوانب البصرية والثقافية للذكورة والأنوثة تغيرت على مر القرون، وليس هناك نوع إجتماعي ثابت.

هناك مكون عملي لكل ذلك، فالسؤال حول الإنسانوية والإنسانوية المضادة هو سؤال سوف يتأسس حوله الجدال بين النسوية الليبرالية والإلغائية الجندرية العدمية، فالنسوية الليبرالية تقول "أنا إمرأة" والتي تعني أنهن نساء روحيًا، ووجوديًا، وميتافزيقيًا، ووراثيًا، وبكل الأشكال "الجوهرية" الأخرى، أما عندما تقول الجندرية العدمية "أنا إمرأة" فهي تقصد أنهن مقيمات في موضع معين في شبكة من السلطات التي تؤسسهن بصفتهن كذلك.

لا تعي النسوية الليبرالية الطرق التي تخلق بها السلطة النوع الإجتماعي، ومن ثم تتعلق بالنوع الإجتماعي بصفته وسيلة لشرعنة أنفسهن في عيون السلطة، وتعتمدن على المحاولة في استخدام أنظمة متنوعة من المعرفة (مثل العلوم الوراثية، والإدعاءات الميتافزيقية عن الروح، والأنطولوجية الكانطية) من أجل أن يثبتن للسلطة أنهن يمكنهن العمل في إطارها.

بينما تنظر العدمية الجندرية والإلغائية الجندرية إلى تلك الأنظمة من النوع الإجتماعي نفسها وترى العنف الكامن في قلبها. فنحن نرفض أن التبني الإيجابي للنوع الإجتماعي، بل نريد أن نراه منتهيًا، ونعلم أن الإنجذاب إلى الصياغات الحالية من السلطة هي دائمًا فخ ليبرالي، ونحن نرفض أن نشرعن أنفسنا.

من الضروري أن يكون ذلك مفهومًا، لا تنكر الإنسانوية المضادة الخبرة المعاشة للعديد من شقيقاتنا من المتحولين جندريًا اللواتي اختبرن النوع الإجتماعي منذ سن صغيرة، بل بالأحرى، إننا ندرك أن تلك التجربة كانت محددة بالفعل من خلال مفاهيم السلطة دائمًا. فنحن ننظر إلى تجارب طفولتنا، ونرى أننا نتحدث لغة النوع الإجتماعي حتى في تصريح "نحن نساء" العدواني، حيث ننكر التصنيف الذي فرضته السلطة على أجسادنا. نشير إلى فكرة "المرأة" التي لا توجد فينا بصفتها حقيقة ثابتة، بل إلى الخطابات التي تؤسسنا.

ومن ثم، فإننا نؤكد أن ليس هناك ذات حقيقية يمكن أن يتم تقديسها قبل الخطاب، والتقاء الآخرين، وتدخل النظام الرمزي، لأننا منتجات السلطة، فإذن ماذا نفعل؟ ننهي استكشافنا للإنسانوية المضادة بالعودة إلى كلمات بتلر:

"لا تتشكل فاعليتي في إنكار حالة تأسسي. وإذا كان لي أي فاعلية، فهي محتملة بسبب حقيقة أنني تأسست من قبل عالم اجتماعي لم أختره، فتصدع فاعليتي بالمفارقة لا تعني أنها مستحيلة، إنها تعني أن المفارقة هي شرط احتمال الفعالية."

إلغاء النوع الاجتماعي

إذا قبلنا بأن النوع الاجتماعي لا يوجد بداخلنا بصفته حقيقة متجاوزة، بل بالأحرى، يوجد خارجنا في حيز الخطاب، فما الذي ننشده؟ أن نقول أن النوع الاجتماعي خطابي يعني أن نقول أن النوع الاجتماعي لا يحدث باعتباره حقيقة ميتافزيقية داخل الذات، بل بصفته وسيلة توسط التفاعل الاجتماعي. فالنوع الاجتماعي هو إطار، مجموعة جزئية من اللغة، ومجموعة من الرموز والدلالات، نتواصل من خلالها، ونتأسس بها، ونأسسها دائمًا.

وعليه فإن نظام النوع الاجتماعي يعمل في حلقة مستديرة، فمثلما نتأسس من خلاله، كذلك أيضًا تؤسسه أفعالنا اليومية، وطقوسنا، وعاداتنا، وأداءاتنا. وذلك الإدراك هو الذي يسمح بظهور حركة مضادة للدائرة ذاتها. يجب أن نفهم هذه الحركة الطبيعة الإختراقية والنافذة للنظام، فللتطبيع طريقة خبيثة في استيعاب المقاومة وتبرير ذاته.

حتى هذه النقطة، يصبح تبني سياسات توسع ليبرالية محددة مغريًا، فعدد لانهائي من المنظرين والنشطاء دعموا الإدعاء القائل أن تجربتنا في تجسد التحول جندريًا ربما قد تكون قادرة على تهديد عملية تطبيع النوع الاجتماعي. لقد سمعنا أن اقتراح وجود هوية غير منتمية للثنائية الجنسية/الجندرية، ومغايرة النوع الاجتماعي، وكويرية ربما قد يكون قادرًا على تخريب النوع الاجتماعي. يستحيل أن تكون هذه هي القضية.

نجد أنفسنا دائمًا واقعين في نطاق النوع الاجتماعي عندما ندعم إدعاءنا حول نعوت هوية غير منتمية للثنائية الجندرية، لأن باتخاذنا هوية رافضة للثنائية الجندرية يعني أننا ما زلنا نقبل الثنائية باعتبارها نقطة إحالة مرجعية، وتعيد المرأة تأسيس الوضع المعياري للثنائية عندما تقاومها. قد بررت المعايير معارضتها، حيث أنها تضع الأطر واللغات التي من خلالها تعبر المعارضة. فليس معارضتنا اللفظية تتشكل بلغة النوع الاجتماعي فحسب، بل الأفعال التي نؤديها من أجل تخريب النوع الاجتماعي ظاهرًا وباطنًا هي نفسها مخربة من خلال إحالتها إلى المعيار. إذا لن تستطع سياسات الهوية غير المنتمية للثنائية الجندرية تحريرنا، فمن الصحيح أيضًا أن سياسات الهوية التحول الجندري والكويرية لا تقدم لنا أي أمل، لأن كلاهما يقع في نفس الفخ من الإحالة إلى المعيار من خلال محاولة "تأدية" النوع الاجتماعي بصورة مختلفة. وقاعدة تلك السياسات متجذرة في منطق الهوية، والذي هو نفسه ناتج عن خطابات السلطة الحديثة والمعاصرة. وكما أوضحنا مليًا من قبل، لا يمكن أن تكون هناك هوية ثابتة يمكن أن نشير إليها. وبالتالي، فأي قبول لهوية ثورية أو تحررية هو قبول بخطابات معينة فحسب، وفي هذه الحالة، يصبح الخطاب هو النوع الاجتماعي.

هذا ليس كي نقول أن أولئك الذين يعرفون بأنهم متحولين جندريًا أو كويريين أو غير منتمين للثنائية الجندرية أنهم مشوشين بالنوع الاجتماعي. هذا خطأ مقاربة النسوية الراديكالية التقليدي، ونحن نتبرأ من تلك الإدعاءات، لأنها تهاجم أكثر أولئك الذين جرحهم النوع الاجتماعي، فحتى لو كان الانحراف عن المعيار دائمًا مبرر ومطبّع، فهو بالتأكيد ما زال جحيمًا يعاقب به الآخرون. فمازال يقع على الجسد الكويري والمتحول جندريًا وغير المنتمي للثنائية الجندرية عنف هائل، وما زالت شقيقاتنا ورفيقاتنا تقتل من حولنا، وما زلن يعشن في الفقر والظلال. ونحن لا ننكرهم، لأن ذلك يعني أن ننكر أنفسنا، لكن بدلاً من ذلك، نحن ندعو إلى مناقشة صادقة حول حدود سياساتنا ومطالبة بطريق جديد للتقدم.

بوجود هذا الموقف في المقدمة، لا نروم محاربة مجرد صياغات معينة من سياسات الهوية، بل الحاجة إلى الهوية ككل. وندعي أن القائمة الممتدة دائمًا للضمائر المفضلة شخصيًا، والنعوت المتنامية والدقيقة للتعبيرات المتنوعة للجندر والجنسانية، ومحاولة بناء تصنيفات هوية جديدة أكثر اتساعًا لا يستحق الجهد المذبول فيه.

إذا برهنّا أن الهوية ليست حقيقة بل بنية اجتماعية وخطابية، يمكننا إذن أن ندرك أن خلق تلك الهويات الجديدة ليس اكتشاف مفاجئ لتجارب معاشة غير معروفة مسبقًا، لكنها ابتداع لمصطلحات جديدة لما يمكن أن يتأسس لنا. كل ما نفعله عندما نزيد تصنيفات النوع الاجتماعي هو أننا نخلق قنوات جديدة ودقيقة أكثر تستطيع أن تعمل السلطة من خلالها. ولسنا نحرر أنفسنا بهذه الطريقة، بل نفخخ أنفسنا بمعايير لانهائية وأكثر دقة وقوة حتى يصبح كل منها قيد جديد.

لسنا مفرطين في استعمال هذا المصطلح، فلا يمكن أن نكون مبالغين في تقدير عنف النوع الاجتماعي، لأن كل إمرأة متحولة جندريًا تقتل، وكل طفل ذو جنسين تجرى له عملية جراحية لفرض جنسًا واحدًا له، وكل صبي كويري يلقى به في الشوارع يصبحون ضحايا النوع الاجتماعي. دائمًا ما يعاقب الانحراف عن المعيار، حتى إذا برر الانحراف للنوع الاجتماعي، فإنه ما زال يخضع للمعاقبة. وزيادة المعايير تعني زيادة الانحراف، وهي زيادة للطرق التي يمكن أن نسقط بها خارج المثال الخطابي. تخلق الهويات الجندرية اللانهائية مساحات لانهائية جديدة للانحراف والتي سيتم معاقبتها بعنف. إذا كان النوع الاجتماعي يعاقب الانحراف، فعلى النوع الاجتماعي أن ينتهي.

وبناءً عليه نصل إلى الحاجة إلى إلغاء النوع الاجتماعي. إذا كانت كل محاولاتنا في مشروعات التوسع الإيجابية عاجزة وأوقعتنا في مجموعة جديدة من الشراك فحسب، فيجب أن يكون هناك طريق آخر، ولا يعني الفشل في التوسع في الأنواع الاجتماعية أن تقليصها يخدم أهدافنا. ذلك دافع رجعي تمامًا ويجب القضاء عليه. ترى النسوية الراديكالية الرجعية إلغاء النوع الاجتماعي بصفته تقلص. فبالنسبة لهم، يجب علينا أن نلغي النوع الاجتماعي لكي يمكن للجنس (الخصائص الفيزيائية للجسد) أن يصبح على قاعدة مادية ثابتة يمكن لنا نجتمع فيها. إننا نرفض ذلك مطلقًا. فليس الجنس نفسه إلا شيء متجذر في حشود خطابية، تمنح لها السلطة من خلال الطب، وتفرض بعنف على أجساد الأفراد ذات الجنسين. ونحن نشجب ذلك العنف.

لا، لن تصلح العودة إلى فهم أصغر وأبسط للنوع الاجتماعي (حتى لو كان فرضًا مفهومًا ماديًا). فما ندفع ضده في المقام الأول هو الحشد المعياري للأجساد، فلا الاختزال ولا التمدد سينجدنا، وطريقنا الوحيد للنجاة هو التدمير.

النفي الجذري

يكمن في قلب إلغاء النوع الاجتماعي نفيًا. فنحن لا ننشد إلغاءه من أجل أن نعود إلى ذات حقيقية، فليس هناك مثل تلك الذات، ولا من خلال إلغاءه سنحرر أنفسنا كي نعيش بصفتنا ذوات أصلية متحررة من معايير محددة. سيتعارض استنتاج كهذا مع جميع حججنا الإنسانوية المضادة، ومن ثم يجب علينا أن نقفز قفزة إلى الفراغ. يتطلب الأمر هنا لحظة من الوضوح الجلي، إذا لم نكن إلا منتجات خطابات السلطة، ونروم إلغاء تلك الخطابات وتحطيمها، فنحن نأخذ أكبر مخاطرة ممكنة. نحن نقفز إلى المجهول، وستحترق كل المصطلحات والرموز والأفكار والحقائق التي شكلتنا وصنعتنا، ولا يمكننا أن نعرف أو أن نتوقع ماذا يمكن سنكون عندما نخرج من الجهة الأخرى.

لذلك يجب علينا أن نتبنى موقف النفي الجذري، فقد أحبطتنا كل محاولات سياسات النوع الاجتماعي الايجابية والتوسعية. يجب أن نكف عن افتراض معرفة كيف قد يبدو التحرر أو الإنعتاق، لأن تلك الأفكار نفسها مؤسسة على فكرة حول الذات لا تستطيع أن تصمد للمعاينة، فهي فكرة استخدمت لوقت طويل كي تحدد آفاقنا. وحده الرفض الخالص والابتعاد عن أي نوع من المستقبل المعروف أو الواضح يمكن أن يعطينا إمكانية لأي مستقبل.

هذه المخاطرة قوية، لكنها ضرورية. نغوض في مياه الإبهام عند اتصالنا بالمجهول، وتلك المياه ليست بدون مخاطر، وهناك احتمالية حقيقية بفقد جذري للذات، لأن المصطلحات التي نعرف بها بعضنا بعضًا ربما ستتحلل، لكن ليس هناك طريق آخر للخروج من تلك المعضلة، فنحن يتم مهاجمتنا يوميًا بعمليات التطبيع التي توصمنا بصفتنا شواذًا. إذا لن نفقد أنفسنا في حركة النفي، فسوف يحطمنا بقاء الوضع على ما هو عليه. وليس لدينا إلا خيارًا واحدًا. هذا يلخص المأزق التي نواجهه بصورة قوية، فبينما ترتفع مخاطرة تبني النفي إلى درجة عالية، نعلم أن البديل سيحطمنا. وإذا فقدنا أنفسنا في هذه العملية، فسنعاني من نفس المصير الذي كنا سنعانيه على أية حال. وبالتالي، نحن نرفض أن نفترض ما قد يحمله المستقبل وما يمكن أن نكونه في ذلك المستقبل، رفضًا للمعنى، ورفضًا للإمكانية المعروفة، ورفضًا للوجود نفسه. العدمية.. هي موقفنا ومنهجنا.

النقد القاسي لسياسات النوع الاجتماعي الإيجابية هي إذن نقطة انطلاقنا، لكنها نقطة يجب أن ننطلق منها بحذر، لأنه إذا انتقدنا دعاماتهم المعيارية من أجل أن نخلق بديلاً لها، فلسوف نسقط مرة أخرى ضحايا لسلطة التطبيع، وبالتالي نجيب على المطالبين ببديل معلن بوضوح وبرنامج من المواقف العملية بالرفض الجازم. لقد انقضت أيام البيانات والمنصات، وأصبح نفي كل شيء، بما فيها أنفسنا، هو الوسيلة الوحيدة التي من خلالها سنقدر على الحصول على أي شيء.

مقتطف من تذييل المؤلفة (نوفمبر 2015)

مرت أشهر قليلة منذ أن كتبت وحاولت توزيع البيان. وفي خلال ذلك الوقت، كانت ردود الأفعال على ذلك النص متنوعة وخلافية. بينما كان هناك بالتأكيد بعض من مدحوه بصفته مفيد، كان هناك بعض من قدموا نقدًا له (وفي الأغلب كان مهمًا)، وإنني أكتب هذا التذييل في ضوء هذا النقد. افتقر نصي إلى بعض النقاط المهمة، مثل: السياق، مخاطبة صريحة للعرق، وتعبير صريح عن النوع الاجتماعي بصفته منتج استعماري، وربما توضيح حول طبيعة النص نفسه. آمل أن أضيف تلك الأشياء هنا.

لقد كتبت البيان المضاد بسبب إحباطي. ولجئت إلى الفكر النظري من أجل أن أفسر وأضع سياقًا لتجربتي المعاشة مثل كل المتحولات جندريًا من قبلي (وقد عبرت سوزان ستريكر عن تلك الظاهرة بشكل بديع). لقد استوعبنا العدمية الجندرية في وسط مجتمعنا من خلال مناقشة بيني وبين مجموعة من الرفيقات المكونة من متحولات جندريًا أخريات بصورة أساسية حاولت فيها أن أعبر عن الطريقة التي أثر بها النوع الاجتماعي فينا وأكشف عنف ذلك التأثير. وما ناقشناه تركز بشكل كبير على مفكرين ومفكرات قلائل، لكنني لم أذكر ماريا لوجونس في نصي رغم أنها كانت شديدة الأهمية بالنسبة إلينا. حاولنا من خلال عملها المرتكز على استعمارية النوع الاجتماعي أن نعبر عن كيف أن النوع الاجتماعي الذي نشير إليه في العدمية الجندرية ليس مصطلحًا يشمل الأنواع الاجتماعية المحلية وغير الغربية، بل نظامًا معينًا للمعرفة مفروض على الأجساد من خلال الاستعمار. لم أستطع أن أضمّن ذلك في البيان بسبب ضيق الوقت، لكن تلك الفرضية وتأطير نقد متحرر من الاستعمار للنوع الاجتماعي كان شيئًا ضمنيًا بالنسبة إلى اللواتي حضرن تلك المناقشة.

كان هذا خاطئًا، لأن الجميع لم يحظوا بمعرفة هذا السياق. وبدونه يبدو مفهومًا تمامًا أن نقدي للنوع الاجتماعي ليس نقدًا لظاهرة استعمارية معينة، بل لكل الظواهر المتنوعة والمتعددة التي يمكن أن يستدعيها المصطلح إلى الذهن. وهذا خطأ قد استدعى كتابة هذا التذييل. إذا أردت أن تفهم هذا السياق، فإني اقترح عليك أن تشتبك مع أعمال ماريا لوجونس، وخصوصًا "نحو نسوية متحررة من الاستعمار". وختامًا، هذا النص لا يقصد أن يخبر أي أحد بطريقة التفكير في النوع الاجتماعي، فهو حصيلة تحليل جماعي لمجموعة معينة من الناس التي توصلت إلى استنتاجات سمحت لنا أن نفهم حياتنا. إذا كان هذا الفهم لا يعجبك، فتفضل برفضه. فأنا لا أسألك أو أطلب منك أن تتفق معي. وإنني أشعر بالسعادة أن هذا النقاش والخطاب لتلك الأفكار مستمر، لكني ارتكبت خطأً عن طريق حذف أطر سياقية مهمة تسببت في أن يصبح نصي متواطئ ضمنيًا على الأقل مع العرقية البيضاء والاستعمارية. لنظل مقاومات ومناضلات ومناقشات وباقيات على ظهر الحياة.