وثيقة:استخدام الغضب مواجهة النساء للعنصرية

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

اختيار.png
مقالة رأي
تأليف أودري لورد
تحرير سماح جعفر
المصدر اختيار
اللغة العربية
تاريخ النشر 2015-03
مسار الاسترجاع https://www.ikhtyar.org/wp-content/uploads/2015/03/استخدام-الغضب.pdf
تاريخ الاسترجاع 2018-10-08

ترجمة تامر موافي
لغة الأصل الإنجليزية
العنوان الأصلي The Uses of Anger
تاريخ نشر الأصل 1981


هذا النص هو تعليق أودري لورد في مناقشة (الشخصي والسياسي) في مؤتمر (الجنس الثاني)، في نيويورك، سنة 1979. هذا النصّ موجود كذلك في ملف:استخدام الغضب مواجهة النساء للعنصرية.PDF



قد توجد وثائق أخرى مصدرها اختيار



العنصرية هي الإيمان بتفوق أصيل لأحد الأجناس على غيره ومن ثم حقه في السيادة، سواء كان هذا الإيمان معلنًا أو ضمنيًا. النساء يواجهن العنصرية، مواجهتي للعنصرية هي بالغضب. لقد عشت مع هذا الغضب طوال القسم الأكبر من حياتي، بتجاهله، بالتغذي عليه، وبتعلم استخدامه قبل أن يبدد رؤاي. فعلت ذلك مرة في صمت، خشية ثقله. خوفي من الغضب لم يعلمني شيئًا. خشيتك لهذا الغضب لن تعلمك شيئا أنت أيضًا.

مواجهة النساء للعنصرية تعني مواجهتهن للغضب؛ الغضب بسبب الإقصاء، بسبب المزايا المسلم بها، بسبب التشوهات العنصرية، بسبب الصمت، الاستغلال، التنميط، الدفاعية، اساءة التعريف، الخيانة، والتحجيم. غضبي هو مواجهة للتوجهات العنصرية وللأفعال والتصورات التي تنتج عن هذه التوجهات. وإذا كانت تعاملاتك مع النساء الأخريات تعكس هذه التوجهات فإن غضبك ومخاوفك الملازمة هي نقاط ضوء يمكن استخدامها للنمو بالطريقة نفسها التي استخدمت بها التعلم للتعبير عن غضبي كوسيلة للنمو. كجراحة تصحيحية وليس للشعور بالذنب. فالشعور بالذنب والدفاعية هي أحجار في جدار ننهار جميعًا إذا ما اصطدمنا به؛ وهي لا تخدم أي من صور تطورنا المستقبلي.

وحيث أنني لا أريد لهذا أن يتحول إلى مناقشة نظرية فإنني سوف أعطي بعض الأمثلة لحوارات بين النساء تظهر هذه النقاط. ومراعاة للوقت فإنني سأختصر هذه الأمثلة وأريد أن تعرفن أنه كان ثمة كثير من الأمثلة المشابهة.

على سبيل المثال:

• في مؤتمر أكاديمي وبينما أعبر عن غضب مباشر ومحدد، تقول امرأة بيضاء، "أخبريني كيف تشعرين ولكن لا تعبري عن ذلك بقسوة وإلا فإنني لن أستطيع سماعك". ولكن هل أسلوبي هو ما يمنعها من سماعي أم أنه تهديد رسالة مؤداها أن حياتها قد تتغير؟

• يدعو برنامج دراسات النساء في جامعة جنوبية امرأة سوداء لمحاضرة في أعقاب نقاش مفتوح امتد لأسبوع حول النساء السوداوات والبيضاوات. واسأل مستمعاتي، "ماذا أعطاكن هذا الأسبوع؟" تجيب المرأة البيضاء الأكثر فصاحة، "اعتقد أنني حصلت على الكثير. أشعر بأن النساء السوداوات تفهمنني بشكل أفضل كثيرًا الآن؛ أصبح لهن فكرة أفضل عما تصدر عنه أفكاري". وكما لو كان فهم ما تفكر فيه هو جوهر المشكلة العنصرية.

• بعد خمسة عشر عامًا للحركة النسوية والتي تأخذ على عاتقها معالجة مشاكل حياة كل النساء والإمكانات المستقبلية لهن، مازلت اسمع في حرم جامعي بعد الآخر سؤالًا هو "كيف يمكننا التعامل مع مشكلة العنصرية؟ إذا لم تحضر أي امرأة ملونة". أو الجانب الآخر من ذات العبارة "ليس لدينا في قسمنا من هو مؤهل لتدريس أعمال النساء الملونات". وبعبارة أخرى، العنصرية هي مشكلة النساء السوداوات، أو الملونات، ونحن وحدنا القادرات على مناقشتها.

• بعد قراءة جزء من أحد أعمالي بعنوان "قصائد لنساء غاضبات"، تسألني امرأة بيضاء: "هل ستقومين بأي شئ لتعلمينا كيف نتعامل مباشرة مع غضبنا؟ أشعر بأن هذا مهم للغاية". فأسألها "كيف تستخدمين غضبك؟" وبعد ذلك يكون على أن أشيح بنظري عن عينيها الخاليتين من التعبير، قبل أن تدعوني إلى المشاركة في تدمير ذاتها. فلست هنا لأشعر بغضبها بالنيابة عنها.

• النساء البيضاوات قد بدأن يفحصن علاقاتهن بالنساء السوداوات، ومع ذلك فإنني أسمعهن دائمًا يرغبن فقط في التعامل مع الأطفال الملونين على الجانب الآخر من الطريق، المربية المحبوبة، زميلة الدراسة في الصف الثاني –إلى آخر هذه الذكريات اللطيفة لما كان يومًا ما غامضًا ومحيرًا أو محايدًا. أنت تتجنبين افتراضات الطفولة التي شكلها الضحك على "راستوس وألفا ألفا"، والرسالة الحادة التي يبعثها نشر أمك لمناديله على مقعد الحديقة حيث كنت أجلس منذ قليل، والصورة النافية للإنسانية لآموس وآندي وحكايات والدك المرحة قبل النوم.

• بينما أدفع ابنتي ذات العامين في عربة تسوق عبر سوبر ماركت في إيست تشستر في عام 1967، تصرخ طفلة بيضاء بحماس وهي تمر بنا في عربة تدفعها أمها، "أمي، أنظري. إنها خادمة رضيعة!" وفي حين تطالبك أمك بالهدوء فإنها لا تحاول تصحيح ما قلته. ومن ثم بعد خمسة عشر عامًا، في مؤتمر عن العنصري، لا تزالين ترين هذه القصة مضحكة. ولكنني أرى ضحكك مليئًا بالرعب والمرض.

• امرأة أكاديمية بيضاء ترحب بوجود كتابات مجموعة من النساء الملونات غير السوداوات، قائلة "إن هذا يتيح لي أن أتعامل مع العنصرية دون الحاجة إلى التعامل مع فظاظة النساء السوداوات."

• في تجمع ثقافي عالمي للنساء، تقاطع شاعرة أمريكية بيضاء معروفة قراءة لأعمال نساء ملونات حتى تقرأ قصيدتها، وتغادر بعد ذلك مسرعة للحاق ب"مناقشة هامة".

• إذا كانت النساء الأكاديميات يرغبن بحق في حوار حول العنصرية، فإن هذا سيتطلب ملاحظة احتياجات النساء الأخريات والبيئة المعيشية لهن. عندما تقول امرأة تعمل بالأكاديميا "لا استطيع دفع كلفة هذا"، ربما تعني أنها قامت باختيار كيف تنفق المال المتاح لها. ولكن عندما تقول امرأة تعيش على الضمان الاجتماعي "لا استطيع دفع كلفة هذا"، فإنها تعني أنها تعيش بقدر من المال يكفي بالكادا لإبقائها حية في عام 1972، وأنها لا تملك في أغلب الوقت ما يكفي لطعامها. ومع ذلك فإن الرابطة القومية لدراسات النساء هنا في عام 1981 تقيم مؤتمرًا تلزم فيه نفسها بمواجهة العنصرية وفي نفس الوقت ترفض التخلي عن رسوم التسجيل للنساء الفقيرات والملونات اللاتي كن يرغبن في تقديم وإدارة ورش عمل. وهذا ما جعل من المستحيل لكثير من النساء الملونات –ويلميت براون من منظمة النساء السوداوات للعمل المنزلي مدفوع الأجر، على سبيل المثال- أن يشاركن في المؤتمر. فهل هذا يؤدي بنا إلى حالة أخرى من تلك التي تناقش فيها الأكاديميا الحياة في إطار دوائرها المغلقة؟

إلى النساء البيضاوات الحاضرات واللاتي يميزن مثل هذه التوجهات باعتبارها مألوفة، ولكن قبل أي أحد لآخر، إلى كل أخواتي الملونات اللاتي يعشن ويمرن بألاف من هذه الأمثلة، إلى أخواتي الملونات اللاتي لا يزلن يرغبن في أن ألجم جماح غضبهن، أو اللاتي يشككن في كون التعبير عن غضبنا غير مجد ومثير للقلاقل (وهما التهمتان الأكثر شيوعًا) أرغب اليوم في الحديث عن الغضب، عن غضبي، وعما تعلمت من الرحلة التي قمت بها عبر عوالمه.

(كل شئ يمكن استخدامه فيما عدا ذلك الذي تمت إضاعته) تحتجن إلى تذكر هذا عندما تتهمن بالتدمير لدى كل امرأة ترسانة مملوءة بالغضب الذي يمكن أن يكون مفيدًا في مواجهة أشكال القمع، الشخصي والمؤسسي، والتي أخرجت هذا الغضب إلى الوجود. وإذا ما تم تركيزه بدقة يمكن أن يصبح مصدرًا قويًا للطاقة يخدم التقدم والتغيير. وعندما أتحدث عن التغيير، فإنني لا أعني تبادلًا بسيطًا للمواقع أو تخفيض مؤقت لحدة التوتر، ولا القدرة على الابتسام والشعور بأننا على ما يرام. وإنما أتحدث عن تعديل أساسي وجذري لتلك الفرضيات التي تقوم عليها حياتنا.

لقد رأيت مواقف تسمع فيها نساء بيضاوات ملاحظة عنصرية فيحتقرن ما سمعنه ويمتلئن بالغضب ولكنهن يبقين صامتات بسبب خوفهن. ويسكن هذا الغضب غير المعبر عنه داخلهن كقنبلة لم تنفجر، وعادة ما يتم إلقاءه في وجه أول امرأة ملونة تتحدث عن العنصرية. ولكن الغضب الذي يتم التعبير عنه والذي تتم ترجمته إلى فعل في خدمة رؤيتنا ومستقبلنا هو فعل إضاءة تحريري ومانح للقوة، لأنه في العملية المؤلمة لهذه الترجمة نقوم بتعريف من هم حلفاؤنا الذين تفصلنا عنهم اختلافات حادة ومن هم أعداؤنا في الأصل.

إن الغضب محمل بالمعلومات وبالطاقة. فعندما أتحدث عن امرأة ملونة لا أعني فقط امرأة سوداء. المرأة الملونة غير السوداء والتي تتهمني بجعلها خفية بافتراض أن نضالها ضد العنصرية مطابق لنضالي ضدها، لديها ما تخبرني به والذي يحسن بي أن أتعلم منه، وإلا فإن كل منا ستضيع نفسها في صراع حول الحقائق فيما بيننا. وإذا ما شاركت عن علم أو غير علم في قمع أخت لي فوجهت لي الاتهام، فإن مواجهتي لغضبها بغضبي سوف تغطي جوهر حوارنا بردود الفعل المتبادلة . وهو تبديد للطاقة، ونعم، من الصعب أن أقف بثبات وأستمع إلى صوت امرأة أخرى تصف معاناة لا أشاركها فيها، أو معاناة اسهمت أنا نفسي في صنعها.

في هذا المكان نتحدث بينما نحن بعيدات عن تلك الأمور التي تذكرنا بوقاحة بمعاركنا كنساء. ولكن هذا لا يجب أن يعمينا عن حجم وتعقيد القوى المحتشدة ضدنا وعن كل ما هو إنساني في محيطنا. فلسنا هنا بوصفنا نساء يفحصن العنصرية في فراغ سياسي واجتماعي. وإنما نحن نعمل بين فكي نظام بالنسبة له، العنصرية والذكورية هما دافعان أساسيان وثابتان وضروريان لتحقيق الربح. إن مواجهة النساء للعنصرية هي موضوع خطر إلى حد أنه عندما يحاول الإعلام المحلي التقليل من شأن هذا المؤتمر فإنه يختار التركيز على ترتيبات استضافة المثليات كوسيلة للإلهاء – كما لو أن الهارتفورد كورانت(2) لا تجرؤ على ذكر الموضوع المختار للمناقشة هنا، وهو العنصرية خشية أن يصبح واضحًا أن النساء بالفعل يحاولن فحص وتعديل كل الظروف القمعية في حياتنا.

إن الإعلام السائد لا يريد للنساء، وبصفة خاصة البيضاوات، أن يواجهن العنصرية، فهو يريد للعنصرية أن تكون مقبولة كمعطى ثابت في نسيج وجودنا، مثل النهار والمساء أو مثل الأنفلونزا.

إننا إذن نعمل في محيط من المعارضة والتهديد، وسبب وجوده هو بالتأكيد ليس أشكال الغضب فيما بيننا، وإنما هذه الكراهية الموجهة ضد كل النساء وكل الملونين، وكل المثليات والمثليين، وكل الفقراء –الكراهية الموجهة ضدنا جميعًا، نحن الساعون إلى فحص تفاصيل حياتنا فيما نقاوم أشكال القمع ونتجه إلى التحالف وإلى صور أكثر فعالية للفعل المشترك.

إن كل مناقشة بين النساء حول العنصرية ينبغي أن تحتوي على الاعتراف بالغضب وعلى استحدامه. وينبغي لهذه المناقشة أن تكون مباشرة وخلاقة لأن هذا ضروري. لا يمكننا أن نسمح لخوفنا من الغضب بأن يضللنا أو أن يغرينا بالتسليم بأي شئ أدنى من العمل الشاق الذي تفرضه نزاهة التنقيب عن الحقيقة، فينبغي أن نكون جادات تمامًا بخصوص اختيار هذه الموضوعات وبخصوص الغضب المجدول في كل منها، لأن أعداءنا جادون تمامًا فيما يخص كراهيتهم لنا ولكل ما نحاول تحقيقه هنا.

وفيما نتفحص الوجه المؤلم الدائم لغضب بعضنا البعض، أرجوكن أن تتذكرن أنه ليس غضبنا ما يجعلني أنصحكن بإحكام إغلاق أبوابكن في المساء وبألا تتجولن في شوارع هارتفورد وحيدات إن الكراهية المتسكعة في هذه الشوارع هي ما تسعى حثيثًا إلى تدميرنا كلنا إذا ما عملنا بحق من أجل التغيير بدلًا من الانخراط فقط في البلاغة الأكاديمية.

هذه الكراهية وغضبنا مختلفان عن بعضهما تمامًا. فالكراهية هي الغضب على هؤلاء الذين لا يشاركوننا أهدافنا، وهدفها هو الموت والدمار. اما الغضب فهو الأسى للتشوهات في العلاقة بين المتكافئين، وهدفه هو التغيير. ولكن الوقت المتاح لنا يتناقص. لقد ربينا على رؤية أي اختلاف غير النوع كسبب للتدمير، وبالنسبة للنساء السوداوات والبيضاوات فإن مواجهتهن لغضب بعضهن البعض دون إنكار أو دون عجز أو دون صمت أو دون شعور بالذنب، هو في حد ذاته فكرة تجديفية وخالقة. فهي تنطوي على التقاء متكافئين على أساس مشترك لفحص الاختلاف ولتعديل هذه التشوهات التي خلقها التاريخ حول هذا الاختلاف. لأن هذه التشوهات هي ما يفصل بيننا، وينبغي علينا أن نسأل أنفسنا: من يستفيد من هذا كله؟

النساء الملونات في أمريكا تربين على وقع سيمفونية من الغضب، بإسكاتهن، بإهمالهن، وبعلمهن أننا عندما نبقى على قيد الحياة، فإن ذلك يحدث رغمًا عن العالم الذي يسلم بافتقارنا إلى الإنسانية، والذي يكره وجودنا نفسه خارج دائرة خدمته، وأنا أقول سيمفونية لأن علينا أن نتعلم توجيه أشكال الغضب هذه بحيث لا تمزقنا. علينا أن نتعلم المرور خلالها واستخدامها في سبيل القوة والطاقة والرؤية المتعمقة في حياتنا اليومية. فهؤلاء اللاتي لم يتعلمن هذا الدرس الصعب لم ينجين. وجزء من غضبي و دائمًا رثاء لأخواتي اللاتي سقطن في المعركة.

الغضب هو رد فعل ملائم تجاه التوجهات العنصرية، وكذلك الحنق عندما لا تتغير الأفعال الناجمة عن هذه التوجهات. وأنا أسأل هؤلاء اللاتي يخشين غضب النساء الملونات أكثر من توجهاتهن العنصرية التي لم يفحصنها: هل غضب النساء الملونات أكثر تهديدًا من كراهية النساء التي تلوث كل مناحي حياتنا؟ ليس غضب النساء الأخريات هو ما سيدمرنا وإنما رفضنا للتوقف وسماع إيقاعه والتعلم منه وللحركة لتخطي مظهره وصولًا إلى جوهره، ولامتلاك هذا الغضب كمصدر هام لاكتساب القوة.

لا يمكنني اخفاء غضبي حتى أوفر عليكن عناء الشعور بالذنب، أو جرح مشاعركن أو إجابة هذا الغضب، لأنني إن فعلت ذلك فإنني أهين كل جهودنا وأقلل من شأنها. فالشعور بالذنب ليس ردًا مناسبًا للغضب؛ إنما هو رد على ما يفعله أحدنا أو ما لا يفعله. وإذا أدى إلى التغيير فقد يكون مفيدًا، فهو حينها لا يكون شعورًا بالذنب وإنما بداية للمعرفة. ومع ذلك دائمًا ما يكون الشعور بالذب اسمًا آخر للعجز، للموقف الدفاعي المدمر للتواصل؛ فهو يصبح أداة لحماية الجهل وبقاء كل شئ على حاله، الحماية المثالية لعدم التغيير.

أغلب النساء لم يطورن أدوات لمواجهة الغضب بشكل بناء، مجموعات CR (3) في الماضي والمكونة في معظمها من البيض تعاملت مع كيفية التعبير عن الغضب، عادة في عالم الرجال. وتشكلت هذه المجموعات من نساء بيضاوات تشاركن في ظروف قمعهن. وعادة ما كان ثمة محاولات ضئيلة للتعبير عن الاختلافات الأصيلة بين النساء مثل الاختلاف من حيث العنصر، اللون، السن، الطبقة، والهوية الجنسية. فلم يكن ثمة حاجة واضحة في ذلك الوقت لفحص التناقضات الذاتية التي تؤدي إلى أن تكون النساء قامعات لغيرهن. وكان ثمة عمل على التعبير عن الغضب، ولكن القليل فيما يخص غضب النساء تجاه بعضهن . ولم يتم تطوير أدوات للتعامل مع غضب النساء الأخريات بخلاف تجنبه، تحويله أو الهرب منه تحت عباءة الشعور بالذنب.

ليس لدي استخدام مبدع للشعور بالذنب، سواء كان شعوركم بالذنب أو شعوري به. الشعور بالذنب هو فقط طريقة أخرى لتجنب الفعل المبني على المعرفة، طريقة أخرى لشراء المزيد من وقت الراحة بدلًا من مواجهة الحاجة الملحة للقيام بخيارات واضحة، ومواجهة العاصفة المقتربة. فإذا تحدثت إليكن في غضب، فإنني على الأقل قد تحدثت إليكن، فأنا لم أصوت مسدسًا إلى رؤوسكن وأقتلكن في الشارع؛ لم أنظر إلى جسد أختكن النازف متسائلة "ما الذي فعلته لتستحق هذا؟" كان هذا هو رد فعل امرأتان بيضاوان عندما حكت ماري تشرش(4) تيريل عن سحل امرأة سوداء حامل تم انتزاع طفلها حينها من أحشائها. كان هذا في عام 1921، وكانت أليس بول(5) قد رفضت للتو أن تدعم علنًا فرض التعديل التاسع عشر للدستور على كل النساء من خلال رفض دعم شمول النساء الملونات، على الرغم من أننا قد عملنا للمساعدة على إقرار هذا التعديل.

إن الغضب بين النساء لن يقتلنا إذا ما تمكنا من التعبير عنه بدقة وإذا ما استمعنا إلى محتوى ما يقال، على الأقل بنفس الحماس الذي ندافع به عن أنفسنا في مواجهة الطريقة التي يقال بها. فعندما نتجاهل الغضب فإننا نتجنب النظر بعمق، قائلين أننا نتقبل فقط الأنماط المعروفة بالفعل، الأنماط المفتقدة للحياة والمألوفة بشكل آمن. بدلًا من ذلك فإنني قد حاولت أن أتعلم فائدة غضبي وكذلك أن أتعلم حدوده.

بالنسبة لهؤلاء اللاتي تربين على الخوف فإن الغضب يهددهن بالفناء. ففي بنية القوة الغشيمة الذكورية، تم تعليمنا أن حياتنا تعتمد على النوايا الحسنة للسلطة الأبوية. ومن ثم فإن غضب الآخرين ينبغي تجنبه بأي ثمن لأنه لا شئ يمكن تعلمه منه إلا الألم والحكم علينا بأننا فتيات سيئات، نفتقر إلى التربية، ولم نقم بما يفترض بنا أن نقوم به. وهكذا إذا ما تقبلنا عجزنا فإن أي غضب بالطبع سوف يدمرنا.

ولكن قوة النساء تكمن في ملاحظة الاختلافات بينهن على أنها خلاقة، وفي مواجهة هذه التشوهات التي ورثناها دون ذنب لنا ولكنها مسؤوليتنا أن نعدلها الآن. فغضب النساء يمكن أن يحول الاختلاف من خلال الرؤية المتعمقة إلى قوة. لأن الغضب بين المتكافئين ينتج التغيير وليس التدمير، وما يسببه دائمًا من عدم ارتياح أو شعور بالفقد ليسا قاتلين، وإنما هما علامة للنمو.

الغضب هو وسيلتي لمواجهة العنصرية. هذا الغضب قد أحدث جراحًا في حياتي فقط عندما بقى مسكوتًا عنه، ومن ثم دون فائدة لأي أحد. وهو قد خدمني أيضًا في صفوف الدراسة المفتقدة للضوء وللتعليم، حيث كان تاريخ النساء السوداوات أقل من بخار متبدد. لقد خدمني كالنار في منطقة عدم الفهم الباردة في أغين النساء البيضاوات اللاتي يرين فقط أسبابًا للخوف أو الشعور بالذنب في خبرتي وخبرة قومي.

وغضبي ليس مبررًا لعدم التعامل مع عماكن، وليس سببًا للانسحاب من نتائج أفعالكن. عندما تتحدث النساء الملونات بالغضب الذي يبطن كثيرًا من علاقاتنا بنساء بيضاوات، فإننا يتم إخبارنا دائمًا بأننا "نخلق مزاجًا من اليأس"، "نمنع النساء البيضاوات من تخطي شعورهن بالذنب" أو "نقف على طريق الثقة في التعامل والعمل". كل هذه الاقتباسات قد أتت مباشرة من رسائل وجهت لي من أعضاء في هذه المنظمة خلال العامين الماضيين. أحد النساء كتبت "كونك سوداء ومثلية يجعلك تبدين وكأنك تتحدثين بالسلطة الأخلاقية للمعاناة". نعم، أنا سوداء ومثلية، وما تسمعونه هو صوت الغضب وليس صوت المعاناة. والغضب ليس سلطة أخلاقية.

ثمة اختلاف. فعندما تتجنب غضب النساء السوداوات بحجة أو مبرر أنها تخيفك فإنك لا تعطين السلطة لأحد –فهذه فقط طريقة أخرى للحفاظ على العمى العنصري، سلطة الميزة المسلم بها، دون اختراقها أو المساس بها. فالشعور بالذنب هو فقط شكل آخر للتشييئ. فالمقموعون مطالبين دائمًا بمد أياديهم بقدر أكبر قليلًا وبأن يعبروا الفجوة بين العمى وبين الأنسانية. ويتوقع من النساء السوداوات أن يستخدمن الغضب فقط في خدمة خلاص الآخرين أو تعليمهن. ولكن هذا الزمن قد انتهي. إن غضبي قد سبب لي الألم ولكنه كان سبب بقائي في الحياة أيضًا، وقبل أن أتخلى عنه فإنني سأتأكد أن ثمة شئ هو على الأقل بنفس القوة ليحل محله مرشدًا لي على طريق المعرفة.

أي امرأة هنا تعشق القمع الواقع عليها إلى حد أنها لا ترى أثر كعب حذائها على وجه امرأة أخرى؟ أي شروط لقمع المرأة قد أصبحت ثمينة وضرورية بالنسبة لها كتذكرة دخول إلى عالم من هم على حق دائمًا، بعيدا عن الرياح الباردة لنقد الذات؟

أنا مثلية ملونة يحصل أبنائي على وجباتهم بانتظام لأنني أعمل في الجامعة. وإذا ما جعلتني معداتهم الممتلئة أفشل في ملاحظة ما يجمعني بامرأة ملونة لا يحصل أطفالها على الطعام لأنها لا تستطيع إيجاد عمل، أو بامرأة ملونة ليس لها أطفال لأن أحشاءها أفسدها الإجهاض المنزلي والتعقيم؛ إذا ما فشلت في ملاحظة المثلية التي تختار ألا يكون لها أطفال، أو المرأة التي تبقي مثليتها في الخفاء لأن مجتمعها المعادي للمثلية هو الداعم الوحيد لحياتها، أو المرأة التي تختار الصمت بدلًا من موت آخر، أو المرأة المفزوعة خشية أن يؤدي غضبي إلى تفجير غضبها؛ إذا فشلت في ملاحظتهن كأوجه أخرى لذاتي، فإنني بذلك لا أشارك فقط في كل قمع يتعرضن له ولكنني أشارك أيضًا فيما أتعرض له من قمع. فالغضب الذي يقف بين كل منا وبين الأخرى ينبغي أن يستخدم لتحقيق الوضوح والدعم المتبادل، وليس لتحاشي بعضنا البعض من خلال الشعور بالذنب ولا لمزيد من التباعد. فأنا لست حرة طالما كانت أي امرأة غير حرة حتى وإن كانت قيودها مختلفة تمامًا عن قيودي. ولست حرة طالما بقى أي شخص ملون مقيدًا. ولا أي منكن كذلك.

إنني أتحدث هنا كامرأة ملونة لا تسعى للتدمير وإنما للنجاة. لا امرأة مسؤولة عن تغيير نفسية قامعيها، حتى وإن تجسدت هذه النفسية في امرأة اخرى. لقد رضعت شفاه ذئاب الغضب واستخدمتها للاستنارة، للضحك، للحماية، وكشعلة في الأماكن التي لا ضوء بها، ولا طعام، ولا أخوات، ولا سكن. فنحن لسنا آلهة أو زعيمات أو هياكل للمغفرة الإلهية؛ نحن لسن أصابع خرافية لتوجيه الاتهام أو أدوات للنقمة؛ نحن نساء ومضطرات دائمًا للجوء إلى قسوة النساء. وقد تعلمنا أن نستخدم الغضب كما تعلمنا أن نستخدم اللحم الميت للحيوانات، ونجونا ونمونا ونحن جريحات ومحطمان ونحن نتغير، وكما تقول أنجيلا ويلسون فإننا نمضي قدمًا. سواء كان ذلك مع النساء غير الملونات أو بدونهن. فإننا نستخدم أي قوة قاتلنا في سبيل امتلاكا بما في ذلك الغضب، للمساعدة على تعريف وبناء عالم تنمو فيه كل أخواتنا ويستطيع أطفالنا أن يحبوا فيه، وحيث يمكن في النهاية لقوة لمس ولقاء اختلاف امرأة أخرى ان تعلو على الحاجة إلى التدمير.

لأنه ليس غضب المرأة السوداء هو ما يتساقط هلى هذه الكرة الأرضية وكأنه سائل مميت. ولا هو الغضب الذي يطلق الصواريخ وينفق أكثر من 60 ألف دولار في كل ثانية على القذائف وأدوات الحرب والموت الأخرى، هو ما يذبح أطفالنا في المدن، ويكدس غاز الأعصاب والقنابل الكيميائية، ويغتصب بناتنا وأرضنا.

ليس غضب امرأة سوداء هو ما يتحول إلى عمى، وقوة لا إنسانية، تسعى إلى إبادتنا جميعًا ما لم نواجهها بما لدينا، بقدرتنا على فحص وإعادة تعريف الشروط التي سنعيش ونعمل وفقها؛ قدرتنا على الرؤية وإعادة البناء، غضبًا تلو الآخر، وحجرًا فوق الآخر، حتى نبني مستقبلًا من الاختلافات التي يخصب بعضها بعضًا وأرضًا تدعم خياراتنا. ونحن نرحب بكل امرأة يمكن أن تلتقينا، وجها لوجه، متخطين التشييئ ومتخطين الشعور بالذنب.

حواشي

  1. ورقة قدمتها اودري لورد في مؤتمر مؤسسة دراسات النساء القومية عام 1981
  2. صحيفة أخبارية
  3. Consciousness-Raising (C-R) is a tool that the women’s liberation movement adopted from the Civil Rights Movement in the 1960s, where it was called “telling it like it is”
  4. Mart Church ناشطة أفريقية-أمريكية، عملت من أجل الحقوق المدنية وحق النساء للتصويت.
  5. Alice Paul ناشطة ونسوية أمريكية، عملت بشكل أساسي مع حركة المطالبة بحق النساء في التصويت.

طالع كذلك

أودري لورد

نظرية التقاطعية