وثيقة:اليوم المصري لمكافحة رهاب المثلية والعبور الجنسي والجندري... بصيص أمل ومعاني إنسانية رفيعة

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

شعار مجلة شباك.png
مقالة رأي
تأليف حمودي
تحرير غير معيّن
المصدر مجلة شباك
اللغة العربية
تاريخ النشر 2018-07
مسار الاسترجاع https://www.shubbakmag.com/articles/45
تاريخ الاسترجاع 2018-27-10


نُشرت هذه المقالة في العدد 2 من مجلة شباك



قد توجد وثائق أخرى مصدرها مجلة شباك



نتنظر هذا اليوم كل عامٍ بمشاعر مختلفةٍ؛ فتارةً نرغب في الاحتفال به ومشاركة مشاعرنا مع رفاقنا في درب الكفاح والنضال المستمرّ، وتارةً نأمل في أن يحل ذكراه في ظلِّ مزيدٍ من الإنجازات والحقوق والشعور بالأمان والوحدة والقبول المجتمعيّ، وفوق كل ذلك التواجد بحريةٍ مثل باقي أطياف المجتمع.

يكتسب هذا اليوم رمزيّةً هامةً عالمياً، وتقوم المجموعات الناشطة بأنشطةٍ مختلفةٍ لتكريس ذكرى اليوم ولنشر الوعي للقضاء على رهاب المثليّة والعبور الجنسي والجندري من خلال إطلاق حملاتٍ وفعاليّاتٍ على أرض الواقع وفي الفضاء الإلكتروني، وتُطلق شعاراتٌ تشير إلى معاناة أفراد مجتمع الم.م.م.م من ناحيةٍ، وفخرهم من ناحيةٍ أخرى، ويقوم المتضامنين بتبنّي شاراتٍ بأطياف قوس القزح والذي يرمز إلى التعددية وقبول الآخر وتبنّي الاختلاف.

لكن في مصر، يتمّ الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية والعبور الجنسي والجندري يوم 11 مايو وليس 17 مايو كما هو معتادٌ في باقي الدول وذلك لدلالةٍ هامةٍ لتخليد ذكرى أكبر حادثٍ قمعيٍّ في تاريخ مجتمع الم.م.م.م وهو قضية "كوين بوت" الشهيرة التي وقعت عام 2001 في نفس اليوم.

تسلّط الاحتفالية الضوء على ضحايا هذا الحادث، حيث تم القبض في هذه الحملة على عشرات الرجال مثليّي الجنس، كانوا على متن مركبٍ نيليٍّ، وبعد القبض عليهم تم تعرُّضهم “لاختبار الفحص الشرجي” وخرجت بعض التسريبات تفيد بتعرُّضهم للتعذيب قبل محاكمتهم وحبس بعضهم وتبرئة البعض الآخر واضطرار أغلبهم إلى اللجوء خارج مصر.

وكانت قضية “كوين بوت” أشهر قضايا المثلية الجنسية التي تداولتها محاكم مصر، حيث ألقت الشرطة القبض على 52 رجلاً، من الملهى المعروف آنذاك وأُحيلوا إلى محكمة أمن الدولة العليا، التي كان لا يمثُل أمامها إلا المتَّهمون بـ”الإرهاب ". وبالرغم من عدم تجريم المثلية الجنسية بشكلٍ صريحٍ وعلنيٍّ في القانون المصري، إلا أنه تتمُّ محاكمة المثليين بقانون "ممارسة الفجور والدعارة"، والتي قد تصل إلى الحكم بالسجن ثلاث سنوات بالإضافة للغرامة.

ذلك إلى جانب الهجمة الأمنية التي تلت حفل مشروع ليلى في شهر سبتمبر الماضي حيث تم إلقاء القبض على عشراتٍ من المثليين بعد أن قامت مجموعةٌ من حضور الحفل بالتلويح بعلم قوس قزح.

ولكن خلال هذا اليوم وبالرغم من معاناتنا وشعورنا بالخوف والاضطهاد وعدم ظهور بعضنا وتراجُعنا عن الإفصاح عن هويَّتنا في بعض الأحيان لتجنُّب الاضطهاد المجتمعي والملاحقة القانونية، تأتي احتفالية اليوم العالمي لمكافحة رُهاب المثلية والعبور الجنسي والجندري ببصيصٍ من الأمل والتخفيف من الأعباء على أفراد الم.م.م.م. فعند تنظيم الاحتفالية يتم عقد تجمُّعٍ لأفراد هذه الفئة بأطيافها المختلفة في مساحةٍ آمنةٍ تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم وآرائهم بكلِّ حريةٍ مرةً كل عام، وتتنوع الأنشطة من فقراتٍ ترفيهيةٍ وفقراتٍ ثقافيةٍ وعرض أفلامٍ وثائقيّةٍ وعرض تقارير تكشف عن عدد الحالات التي يتمُّ القبض عليها، وعن العنف الذي يتعرض له أفراد الم.م.م.م في مصر.

هذا العام خلال احتفالٍ أقامه بعض الأصدقاء الأعزاء الناشطين في حقوق الم.م.م.م. بهذه الذكرى، وجدّتُ نفسي محاطاً بعشرات الشباب والفتيات الناشطين والمهتمين بحقوق مجتمع الم.م.م.م. من مختلف الأطياف، وهؤلاء المناصرين من المجتمع المغاير جنسياً ومن مختلف الجنسيّات، في مكانٍ آمنٍ حيث التزم الجميع بالتعليمات لكي يتمّ عقد الفعالية بأمانٍ تامٍّ ومن خلال دعم أطرافٍ مناصرةٍ من خارج مجتمع الم.م.م.م أمدَّتنا بالوسائل والتسهيلات اللازمة لعقد مثل هذه الفعالية. رأيتُ وحدةً بين المثليّين والمثليّات والعابرين والعابرات جنسياً وجندريّاً ومزدوجي الميول الجنسية وأحرار الجنس.

وذلك أثرى بداخلي إحساس التنوُّع الذي أجده مصدر قوةٍ ودعمٍ لوجودي وشعرت بوجود مجتمع الم.م.م.م. بقوةٍ في أرض الواقع وأنه قادرٌ بالرغم من جميع المصاعب الاجتماعية والقانونية والأمنية على النضال حتى في ظل الظروف الأمنية الشرسة والمخاطر التي تهدد الناشطين بشكلٍ عامٍّ في منطقة الشرق الأوسط.

وألقى البعض الكلمات التي كانت تحمل كلَّ فخرٍ وإصرارٍ وقوةٍ ومثابرةٍ على إحداث تغييرٍ بالرغم من المصاعب، وحين اقترب الحدث على الانتهاء بعد عرض فيلم أفريقيٍّ وثائقيٍّ يتحدث عن معاناة المثليِّين والمثليات في أوغندة، رقص الحضور على أنغام الموسيقى وكانت هذه لحظةً تحرُّريةً من كل القيود الخارجية التي نواجهنا في مجتمعنا المصري والعربي والأفريقي، فحتى في داخل صفوفِ تلك الأطياف نجد التنوُّع سمةً، جميع الخلفيات الثقافية والاجتماعية والدينية كانت حاضرةً بفعاليةٍ، والنساء اختلفت أزياؤهُنَّ سواءً ارتدينَ الحجاب أم لا، والرجال أيضاً، ولم يكن هناك أحكامٌ مسبقةٌ أو اضطهادٌ بين الحضور؛ ولكن السمة السائدة كانت الفخر والوحدة والمحبة.

وهذا ما أطمح أن أراه دائماً، لأنه دون وحدةِ أفراد مجتمع الم.م.م.م. لن نحصل على أي حقوقٍ، فكيف للحلفاء أو المتضامنين أو حتى المعارضين أن يتقبّلونا ويدافعوا عنَّا إذا لم نكن متوحِّدين ونابذين للتمييز والعنصرية والاضطهاد؟!

العام الماضي أيضاً نظَّمت نفس المجموعة فعاليةً شجاعةً كان شعارها هو "العائلة اختيار" وتمَّ عرض فيلمٍ قصيرٍ يعبّر عن مفهوم العائلة الكويريّة البديلة التي خلقها المثليُّون والمثليّات والعابرون والعابرات جنسياً وجندرياً في المجتمع بحيث يكون الصديق المقرَّب أو من يساهم في إشراك قرينِه في المجتمع بديلاً عن الأم أو الأب أو حتى الجدّ أو الجدة، وهي فكرةٌ جديدةٌ تمسُّ سمةً منتشرةً في أوساط مجتمع الم.م.م.م. بحيث تكون بديلاً للفرد عن عائلته من حيث الدعم والقبول والمساندة والتعبير عن الذات بحريةٍ، وتقوِّي الروابط وتساهم في الدعم النفسيِّ والمعنويِّ وحتى المالي في بعض الأحيان.

التنوُّع وقبول كافةِ أطياف قوس القزح سواءً في المجتمع بشكلٍ عامٍّ أو داخل مجتمع الم.م.م.م. هو أسمى الأماني داخلي حالياً، وكذلك المساواة وعدم ممارسة التمييز والعنصرية والأحكام المسبقة ضد بعضنا بعضاً، وإنهاء الوصم ضد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية. قبل أن نسعى إلى القبول المجتمعيِّ يجب أن نتقبَّل بعضنا البعض، باختلافاتنا الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية والجنسية والجندرية، لكي نكون قادرين على النضال بكلِّ مصداقية.

فنحن نعاني ليس فقط من رهاب المثليّة الممنهج من الدولة ومؤسساتها والقوانين، ولكن من المجتمع أيضاً! فالكثير من كارهي المثليِّين ينصبون لهم المكائد والأكمنة لنهب ممتلكاتهم وإيذائهم معنوياً وجسدياً وابتزازهم، غير القمع الذي قد يمارسه أفراد العائلات لتصحيح الميول الجنسية أو الجندرية لبعض الأفراد، فمن سرقةٍ لعنفٍ لفظيٍّ لقمعٍ لسجنٍ لسرقةٍ تحت الإكراه لاغتصابٍ لتشهيرٍ وخرق خصوصيةٍ لاغتصابٍ تصحيحيٍّ في بعض الحالات (للمثليّات)، وغيرها من أنواعٍ متعدّدةٍ للقمع وانتهاك حرمةِ وخصوصيّةِ الأفراد. لذا تتضافر الجهود لرفع الوعي والمساهمة في تغيير الوضع القائم لأفراد مجتمع الم.م.م.م. في اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية، ويقوم النشطاء بالعمل الجاد بإخلاصٍ لإيصال أصواتنا للمجتمع المحليِّ والدوليّ محاولةً منهم لتغيير الوضع القاتم.

وكل IDAHOT والجميع بخيرٍ وسلام.