وثيقة:عيد الأم بين أسطورة التقدير وواقع الإستنزاف

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

نحو وعي نسوي.jpg
تدوينة
تأليف سعاد أسويلم
تحرير غير معيّن
المصدر نحو وعي نسوي
اللغة العربية
تاريخ النشر 2020-03-21
مسار الاسترجاع https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2020/03/21/عيد-الأم-بين-أسطورة-التقدير-وواقع-الإس/
تاريخ الاسترجاع 2020-06-16
نسخة أرشيفية http://archive.vn/Lda9W



قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي



في عيد الأم نحيي النساء اللواتي خضن التجربة في نظام أبوي يفرض الأمومة كدور وحيد مرتبط بالكثير من الإكراهات، تجربة ليست مثالية ولا بتلك الرومانسية التي تطبع في وعينا عن الأم الخارقة، فلا يمكن قبول دور الأمومة بكل مافيه من استغلال عاطفي وجسدي دون أن يربط بتصورات مثالية تخفف من وقع العنف المؤسس عليه.

‏فالمرأة حسب القيم الأبوية تعيش لتؤدي أدوار حتمية كزوجة وكأم، وكحارسة لقداسة الرباط الأسري، من خلال قيمتي التضحية والصبر، والتفاني في خدمة الأولاد والزوج بعدد ساعات يفوق عمل زوجها خارجا دون تأدية مادية،فأصبح بذلك عملا غير مرئي وغير مقدر وتقتنع من خلاله بأنه الدور الحتمي لها، تخدم الجميع دون أن تجد من يخدمها، تعطى لها قداسة خداعة من خلال أسطورة الأم والزوجة التي تضحي بنفسها وبحقوقها في سبيل هذه التمثلات الإجتماعية والصورة النمطية، التي تظهر المرأة كمندمجة في النموذج الإجتماعي القائم على الخدمة الطوعية والتضحية والموت الرمزي قبل الموت البيولوجي. ‏فحتى إن كانت “غير منجبة” تصبح أما اجتماعية (خالة،عمة…) وفي وضعية أمومة فورية مستعدة لشروط الخدمة التي تقوم بها بشكل تطوعي. عليها أن تؤدي هذه الخدمة لكي لا تدفع ضريبة عدم الأمومة.

فالمرأة في التقسيم الجندري للأدوار تختزل إلى كيان لا يعترف بشرعيته إلا من خلال الإنجاب والخدمة الطوعية للأسرة، إنها المهارة أو القدرة الوحيدة التي يمنحها لك هذا النظام الأبوي، وإذا ما لم تتمتعي بها أو ترفضيها، يتحيز ضدك، ويعاقبك ويربطك بالنقص. ‏قيمة الأمومة في المنظومة الأبوية لا تتحقق ويحتفى بها إلا إذا ارتبطت بقيم الخدمة، التضحية والوفاء حتى وإن استنزف ذلك المرأة نفسيا وجسديا. وهنا يتم اللجوء للأسطورة لكي تخفف من وضع الهيمنة التي تعيشها المرأة في هذا السياق مثل خطاب “الجنة تحت أقدام الأمهات” وتقديم الأم مركز للحكمة والاستشارة، وتعويض استنزافها ودفن طموحاتها باللجوء إليها في المشاكل بإعتبارها الأعلم بحلولها. هذه الأساطير تجعل الأم تعيش وضعية خنوع وخضوع لصالح مشاعر أسطورية، بينما يكون الأب هو الولي على أولاده ومن يحوز النسب والحضانة في أي وقت يشاء، ويحوز الحقوق الفعلية أمام القانون والدين والمجتمع وحتى الدولة .

ولا تضحي الأم بحقوقها القانونية والاجتماعية فقط بل تضحي بشكل مضاعف إذا كانت عاملة إذ تضطر لبذل مجهود خرافي لتوفق بين الأعمال المنزلية وتربية الأبناء وبين عملها. لا أحد ينظر لدور الأب الغائب عاطفيا وجسديا في حياة الأبناء لا أحد يحاسبه إن تركهم لأجل العمل أو لأجل نزوة عابرة أو لأنه سئم من ارتباطه الأسري ففي الأخير لن يؤثر ذلك على حيازته واحتكاره للحقوق الأبوية. لكن لا أحد سيرحم المرأة إن تأخرت في تحضير الغداء أو إن أهملت نظافة البيت أو الأولاد. فالأبوية لا تعترف بالشراكة الأسرية وتحتكر كل السلط الرمزية في الفضاء الخاص وتمنحها للأب وتورثها للأولاد الذكور ولا عجب إن رأينا في بعض الدول الإسلامية كيف يرث الابن السلطة على أمه ويتحكم بحياتها ويكون الولي على معاملتها القانونية.

‏لهذا يسهل نسف القول بأهمية الأمومة كمنزلة تحوز بها المرأة سلطة رمزية، فالمطلقة مثلا وإن كانت أما بيولوجية إلا أنها تجرد من الأمومة بمعناها الإجتماعي والثقافي، لأنها تخلت عن قداسة التضحية والرباط الأسري، وتجرد منها قانونيا بفعل قوانين الحضانة والوصاية على الأطفال التي تمنح في أغلب الدول ومعظم الحالات للأب.

‏فكيف نتحدث عن الأمومة كقيمة للمرأة مادامت لا تضمن لها قانونيا أقل قدر من الحقوق ومن الشرعية خارج مؤسسة الزواج. كيف نعتبر الأمومة قداسة مادامت تمنع من خلالها الأمهات من أبسط حقوقهن كالحضانة والنسب وحق السفر بأبنائهن دون اذن والدهم/ن وحق منح الجنسية. وكيف تكون الأمومة داخل النظام الأبوي قيمة مضافة للمرأة مادامت تفرض عليها نموذجا مثاليا قائما على الإستنزاف والتوقعات المثالية يجعل منها “الأم الآلة” التي يفترض أن تقدم بشكل دائم مجهودا خرافيا من الخدمات والمشاعر والدعم دون أن تحظى بفرصة لكي تكون إنسانا يخفق في تأدية دوره أو يرفض أن يضحي على حساب طموحاته.

لن نعترف بأي عيد يربط المرأة بالأدوار الاجتماعية الأبوية دون أن يهدم هذا النظام وقيمه القائمة على الإستغلال والعنف واستدماجها كمسلمات. لن نعترف به قبل أن تنزل الشراكة الأسرية كواقع معاش ومعترف به، وليس قبل أن يكف المجتمع والدولة عن منح كل الحقوق للأب حتى وإن اقتصر حضوره في حياة الأطفال على الجانب البيولوجي فقط.