وثيقة:في يوم المرأة العالمي لنتذكر اللاجئات الصحراويات

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

نحو وعي نسوي.jpg
تدوينة
تأليف لهدية محمد دافا
تحرير غير معيّن
المصدر نحو وعي نسوي
اللغة العربية
تاريخ النشر 2019-03-08
مسار الاسترجاع https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2019/03/08/في-يوم-المرأة-العالمي-،-لنتذكر-اللاجئا/
تاريخ الاسترجاع 2020-06-23
نسخة أرشيفية http://archive.vn/RMnY7



قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي




ترك المستعمر الإسباني للصحراء الغربية في عام 1975، السكان الصحراويين تحت وطاة الإحتلال المغربي والموريتاني آنذاك بعد اتفاقية مدريد بين هذه الدول الثلاث التي دشنت معاناة يعيشها الشعب الصحراوي لليوم، حيث اضطر الكثير من الصحراويين والصحراويات إلى اللجوء في مخيمات قرب مدينة تندوف جنوب الجزائر هربا من القصف والحرب .

وخلافا لمخيمات اللاجئين الأخرى في مختلف أنحاء العالم، ظلت مشاركة المنظمات الإنسانية في تسيير المخيمات الصحراوية محدودة للغاية. ويرجع ذلك بشكل كبير إلى أن جبهة البوليساريو قامت بتنظيم اللاجئين ومكنتهم/ن من القدرات اللازمة لتسيير شؤونهم/ن بأنفسهم/ن دون تدخل خارجي.

وكما هو الحال في حركات تحرير وطنية أخرى في أجزاء واسعة من العالم آنذاك، نظمت البوليساري، جميع السكان الذين وصلوا إلى المخيمات في منظمات جماهيرية مختلفة. كان أحدها ولايزال هو الإتحاد الوطني للمرأة الصحراوية .

فبينما كان الرجال في تلك السنوات الأولى منشغلين في جبهات القتال، كان على النساء تولي مسؤولية بناء وإدارة الشؤون الداخلية في المخيمات، وأداء مهام لا علاقة لها تماما بأدوارهن التقليدية كنساء بدويات. بين عشية وضحاها أصبحن معلمات، ممرضات، إداريات، دبلوماسيات، فلاحات ومعماريات…إلخ. هذه الحاجة في إعتماد القضية العامة على النساء في الصفوف الخلفية، مكنتهن أيضًا من الوصول إلى التعليم الثانوي والعالي، حتى في الخارج، ومنحتهن حق التصويت منذ المؤتمر العام الأول للجبهة.

وفي ظل النشاط السياسي والاجتماعي الذي روجت له جبهة البوليساريو خلال تلك السنوات والذي كان قريبا في مضمونه وشكله من الأيديولوجيا الإشتراكية والقومية، تمكنت المرأة الصحراوية من التخلي عن بعض العادات والتقاليد والأعراف، على سبيل المثال، في الملبس حيث أصبحت المرأة تتبنى الزي الرسمي للثورة الصحراوية ( زي الزيتون الأخضر العسكري) فضلا عن الملحفة في الكثير من الأحيان.

ولكن مثل بقية المنظمات الجماهيرية التي أنشأتها جبهة البوليساريو، ركز الإتحاد الوطني للمرأة الصحراوية بشكل شبه حصري على المساهمة في المجالات التي تخدم أهداف “القضية الوطنية العامة” فقط، وتحقيق الإستقلال والسيادة على أرض الصحراء الغربية.

ونتيجة لذلك، قبلت النساء دون تردد التشريع الهزيل والقليل جدا لصالحهن المعبر عنه في مادة واحدة، وهي المادة 41، من دستور الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، التي تقول: “الدولة تسعى إلى ترقية المرأة ومشاركتها السياسية والاجتماعية والثقافية في بناء المجتمع وتنمية البلاد “.

هذا التراجع وعدم وجود مطالب وحقوق على مدى السنوات، عزز التراخي في سن التشريعات القانونية الخاصة بالمرأة من قبل جبهة البوليساريو وذلك ضمن استراتجيتها في تأجيل أي محاولة لتحقيق تقدم على خط الحد الأدنى من المساواة بين الجنسين أو الإعتراف بالحقوق الأساسية حتى بعد الإستقلال، مع ما يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة على حياة المرأة الصحراوية، بالإضافة إلى التمييز والظلم الذي تنطوي عليه هذه الاستراتيجية.

ومنذ إنتهاء الكفاح المسلح سنة 1991، وبينما تتقدم النساء في شتى انحاء العالم الأخرى نحو تحقيق المزيد من الحقوق والتحسينات في ظروف حياتهن، شهدنا في مخيمات اللاجئين الصحراويين نكسة خطيرة في وضعية المرأة، من حيث تأثر تكوينها والفرص المتاحة لها وقوتها ووزنها الاجتماعي.

أرى أن هناك ثلاثة عوامل ساهمت في كل هذا، أولها كان “وقف إطلاق النار” الذي تم توقيعه بين جبهة البوليساريو والمغرب في عام 1991. فبمجرد إسكات الأسلحة، بدأ الرجال “العاطلون” العائدون من جبهات القتال، بقضاء فترات إقامة طويلة في المخيمات، وقد أدى هذا إلى النزوح التدريجي للمرأة من العديد من الوظائف والمسؤوليات التي كانت قد شغلتها خلال سنوات الحرب، وعادت إلى حصرها في الفضاء المنزلي، حيث كان الرجل يمارس سيطرة وتحكم مطلق في كل شيء .

أما العامل الثاني فكان العودة الهائلة، في أوائل التسعينيات للطلاب والطالبات الذين أنهوا دراستهم في دول أجنبية مثل كوبا، بعد سنوات من التكوين والعيش خارج المخيمات، في مجتمعات مختلفة تماما عن مجتمعنا التقليدي مثل المجتمع الكوبي، حيث عادت إلى المخيمات امراة صحراوية مختلفة، عرفت بإسم كوباراويس”( “cubarauis”).

أصبحت هؤلاء الشابات يتعرضن للرقابة الشديدة وخاصة من طرف الأرثوذكسية الصحراوية التي تنظر إليهن على أنهن متحررات ويشكلن نفوذ سيئ وسلبي، يهدد التوازن التقليدي والتماسك الاجتماعي. منذ ذلك الحين، لم تعد الأسر الصحراوية تسمح لبناتها بالدراسة في الخارج إلا نادرا، ولم يكن أمام جبهة البوليساريو أي خيار سوى الإمتثال لقرار هذه الأسر.

وهنا، علينا أن لا ننسى أنه في المجتمع الصحراوي كما هو الحال في باقي المجتمعات العربية المسلمة، يرى الخيال الجمعي الذكوري أن المرأة هي في جوهرها كائن جنسي، يقع عليها شرف العائلة والعشيرة أو القبيلة. لذلك، فإن أي محاولة للتغيير أو التشكيك في العادات والتقاليد الذكورية، يمثل تحديا وهجوما ليس فقط على السلطة الأبوية، ولكن أيضا على الثقافة والأخلاق وحتى ازدراءا للدين. وكما نعلم فالدين الاسلامي هو الركيزة الأساسية التي تنظم قواعد الحياة والعلاقات الاجتماعية للمجتمع الصحراوي ودولته في المنفى.

أما العامل الثالث فيتجلى في الخطاب الدعائي البسيط لكنه فعال، على الرغم من فراغه من المسلمات النسوية والذي نجح في تقديم صورة مثالية للمرأة الصحراوية، بإعتبارها واحدة من أكثر النساء العربيات تحررا وتقدما. هذا الخطاب الذي أصبح معروف عند منظمات التضامن مع الشعب الصحراوي في كل أنحاء العالم، ويشكل في الواقع عقبة خطيرة، تخفي الحقيقة الصارخة لواقع المرأة الصحراوية، وفي نفس الوقت يحتل المساحة التي من المفروض أن تتوفر للاحتجاجات والمطالب النسوية من أجل المساواة والحرية والعدالة وتحسين ظروف النساء المعيشية، كما يعرقل أي محاولة لفتح الطريق أمام التغيير والتقدم والحداثة.

هكذا، وانطلاقاً من هذا الواقع المرير الذي طال أمده، والذي نعاني منه منذ ما يزيد على الأربعين سنة، يمكننا أن نقول أن تلك الإنجازات التي تحققت في السنوات الأولى ، فُقدت إلى حد كبير، وأن حقوقنا كنساء ما زالت قضية معلقة وأن أي نضال أو مطالبة بها يتم خنقه بحجة أن الأولوية هي للقضية الوطنية.

وفي الوقت الذي تتقدم فيه النضالات النسوية في أنحاء واسعة من العالم، بما فيها العديد من البلدان العربية، وتحقق المرأة بالإضافة إلى الحق في التصويت والتمثيل السياسي، التشريعات أو قوانين الأسرة التي تنظم الطلاق وحضانة الأطفال، والإعتراف بوضعهن القانوني كبالغات لديهن القدرة على ممارسة الحقوق الأساسية بحرية وإستقلالية، في المقابل لا تزال حياة النساء الصحراويات محكومة بقوانين “غير مكتوبة” تستند إلى تقاليدنا وإسلامنا، الذي يفسره الرجال فقط في أدوارهم كقضاة أو آباء أو أشقاء أو زعماء للقبائل. وبينما تتقدم النضالات النسوية في تحسين الصحة الجنسية والإنجابية، وتعزيز الأمومة والولادة الآمنة، قبل بضعة أيام فقط طالب رئيسنا إبراهيم غالي، من النساء في المؤتمر الثامن، مضاعفة الجهود من أجل ” سياسة التكاثر ” كسلاح مقاومة للحفاظ على الهوية الوطنية الصحراوية. وفي الوقت الذي تناصر فيه النضالات النسوية تعليم الفتيات على جميع المستويات كأساس لاستقلالهن وتحريرهن في المستقبل، فإن التعليم الأساسي في مخيماتنا لم يعد إلزامياً، ونرى كل يوم كيف تختار المزيد والمزيد من الشابات الزواج المبكر بإعتباره المنفذ الحيوي الوحيد.

لذلك، أعتقد أن الوضع الحالي للمرأة الصحراوية في مخيمات اللاجئين، يتطلب تحليلا صادقا وعميقا بعيدا عن إستخدامه سياسيا من النظام في الدعاية السطحية والتبسيطية المزيفة بصباغ تقدمي، الأمر الذي يشوه ويحجب الواقع الحقيقي للنساء. من الملح أن نفكر، من منظور نسوي، في التقدم وفي تعزيز حقوق المرأة من أجل المساواة والحرية والإندماج الكامل في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وأخيراً، لن نتعب من القول أن هذا الوعي والكفاح يجب أن يستمر حتى التوقف عن التأجيل قضايا النساء لما بعد تحقيق الإستقلال الوطني، الذي هو جزء من حلمنا لبناء مجتمع أكثر مساواة وأكثر تحررًا وأفضل حكما.