وثيقة:نسويات سيئات - نقد ذاتي في أزمة العيش والحرية

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

Mada Masr Logo.png
مقالة رأي
العنوان نسويات «سيئات»: نقد ذاتي في أزمة «العيش والحرية»
تأليف سلمى شاش
تحرير غير معيّن
المصدر مدى مصر
اللغة العربية
تاريخ النشر 2021-09-22
مسار الاسترجاع https://www.madamasr.com/ar/2021/09/22/opinion/u/نسويات-سيئات-نقد-ذاتي-في-أزمة-العيش/
تاريخ الاسترجاع 2021-09-24
نسخة أرشيفية https://archive.is/NBw6A



قد توجد وثائق أخرى مصدرها مدى مصر



«استمعنا (إلى الناجية) وشعرت أنني مخدرة وغير واثقة مما حدث بالفعل وكيف يمكننا التقدم إلى الأمام. وجدت نفسي أشكك في قيمي كنسوية سوداء وأنا أتساءل بداخلي حول اختلاف روايتها عن روايته وأعمل من أجل عملية تحقيق بقيادة الناجية[1]. لم يكن لدينا أدوات جاهزة للتعامل مع وضع بهذا التعقيد. أحد قادة منظمتنا، رجل أسود غيري ذو شعبية، تم اعتقاله من قبل شرطة شيكاغو في نفس الوقت الذي اتهمته فيه امرأة بالاعتداء الجنسي»[2].

هكذا تصف شارلين كاروثرز إحدى مؤسسات وقائدات «مشروع الشباب الأسود 100» (BYP100) بالولايات المتحدة الأمريكية شعورها عندما وصلها اتهام مالكوم لندن، شاعر وناشط سياسي وأحد قيادات المجموعة، بالاعتداء الجنسي على امرأة سوداء في 25 نوفمبر 2015 بعد يوم واحد من اعتقاله لاتهامه بالتعدي على ضابط شرطة خلال تظاهرات مطالبة بـ«العدالة للاكوان ماكدونالد»[3]. ففي اليوم الذي أصبح فيه مالكوم بطلًا شعبيًا للنشطاء السود بالولايات المتحدة وبالأخص في مدينة شيكاغو، كانت قائدات المجموعة من النسويات يصارعن مشاعرهن تجاه حقيقة أن هذا «البطل» الذي استقبلته أعداد هائلة من النشطاء في المحكمة بعد براءته قد يكون معنفًا ومنتهكًا. وبدأت كاروثرز وزميلاتها رحلة صعبة لتحقيق العدالة انتصرت في النهاية إلى الناجية\الضحية إلى حد كبير.

لم أكن أعلم شيئًا عن تجربة كاروثرز وزميلاتها في نوفمبر 2017 وأنا أقرأ إيميل يتهم المرشح الرئاسي ووكيل مؤسسي حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) آنذاك بالتحرش الجنسي (طبقًا لتوصيف لجنة التحقيق)، وأحد العاملين بالمؤسسة التي كان يديرها بالاغتصاب. على عكس كاروثرز، أعتقد أننا لم نشعر كنسويات ناشطات في حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) وعضوات في حملة المرشح الرئاسي بالحيرة التي شعرت بها كاروثرز حيال «حقيقة ما حدث»، فلم نشكك في أي من التفاصيل المكتوبة في الإيميل ولكننا ارتبكنا تجاه كل الأسئلة الأخرى التي طرحها الإيميل علينا. ما هو توصيف الاتهام الموجه إلى المرشح الرئاسي؟ كيف يمكن محاسبته؟ هل سيتقبّل زملائنا في الحملة والمرشح الرئاسي نفسه الخضوع للمحاسبة؟ ماذا يعني ذلك بالنسبة للحملة الرئاسية نفسها؟ إجابات أغلب هذه الأسئلة تبدو بديهية الآن، ولكنها لم تكن كذلك في نوفمبر 2017.

بدأنا كنسويات ناشطات في الحزب مع بعض النسويات الفاعلات في الحملة رحلة شديدة التخبط للتعامل مع هذا الإيميل، لم نستطع خلالها تحقيق ما حققته كاروثرز وزميلاتها في خلق عملية محاسبة تشرك الناجية/الضحية وتنصفها. إلا أننا، بالرغم من إخفاقاتنا، تعلمنا دروسًا ثمينة من تلك التجربة التي أصبحت نقطة فاصلة في التعامل مع قضايا العنف الجنسي داخل اليسار. ورغم وجود العديد من المقالات النقدية والكتابات عن أزمة الإيميل، إلا أننا لم نستطع حتى الآن أن تكون لنا روايتنا الخاصة والمعلنة كنسويات يساريات شاركن في هذه التجربة.

ومع التطورات التي شهدها الخطاب حول قضية العنف الجنسي خلال السنوات الماضية والمراجعات التي حدثت داخل حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) ومع نسويات من مجموعات صديقة، قد يكون من المهم مراجعة محطة الإيميل ونقدها من موقع النسويات اليساريات الناشطات في حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) وحملة المرشح الرئاسي السابق. في ما أخطأنا كنسويات فاعلات في الحزب و\أو الحملة؟ ولماذا وقعنا في هذه الأخطاء؟ ماذا استفدنا وماذا خسرنا من هذه التجربة؟ وما هي الأسئلة التي طرحتها علينا؟ يُعيد هذا المقال سرد أزمة الإيميل من هذا الموقع كمحاولة للمراجعة والنقد الذاتي تأخرت كثيرًا وكفرصة للتفكير حول الموقع النسوي داخل التنظيمات اليسارية بعيدًا عن تلك الأزمة في حد ذاتها.

إعادة سرد الأحداث

في نوفمبر 2017، أرسلت إحدى العاملات السابقات بإحدى منظمات المجتمع المدني إيميل يسرد خبرتها في العمل داخل هذه المنظمة ويتضمن اتهام أحد العاملين بالاغتصاب (يشار له بـ «المشكو في حقه الأول») في 2014، واتهام المرشح الرئاسي المحتمل، وقتها، بالتحرش الجنسي طبقًا للجنة التحقيق واستغلال السلطة كذلك من وجهة نظري في 2015 (يشار له بـ «المشكو في حقه الثاني»). واطلع عدد من الأشخاص في الحزب والحملة الرئاسية على هذا الإيميل، الذي لم يصلنا من الناجية/الضحية مباشرة ولكن كجزء من تداول أوسع بين ناشطات\ين من دوائر متقاطعة. كان المشكو في حقه الأول عضوًا غير نشط في «العيش والحرية»، والمشكو في حقه الثاني هو المرشح الرئاسي ووكيل مؤسسي الحزب السابق.

دار نقاش داخل قيادة حملة المرشح الرئاسية حول الإيميل -لم أكن جزءًا من هذه القيادة أو هذا النقاش وقتها- وفي النهاية تم اتخاذ قرار بالإجماع بتكليف لجنة تحقيق مستقلة عن الحزب والحملة للتحقيق في الاتهامات التي تخص المرشح الرئاسي، وبعد تشكيل اللجنة قررت أن تحقق في جميع الاتهامات التي جاءت في الإيميل ضد المشكو في حقه الأول والمشكو في حقه الثاني. وفي نفس الوقت قُدمت شكوى سرية في المشكو في حقه الأول داخل الحزب على خلفية ما جاء في الإيميل، وتم الاتفاق على عدم تكوين لجنة تحقيق أخرى، وانتظار نتيجة تحقيق اللجنة التي كلفتها الحملة.

في هذا الوقت كنت قد أصبحت بالفعل أكثر نشاطًا في الحملة وكُلفت مع زميل وزميلة آخرين بمتابعة لجنة التحقيق ونتائجها. إلا أن القرار النهائي الذي وصلت له قيادة الحملة «بالإجماع» بتكليف لجنة تحقيق لم يكن قرارًا سهلًا أو متفقًا عليه من البداية. بالطبع تبدو خطوة التحقيق كحد أدنى بديهي الآن، ولكنها لم تكن كذلك في نوفمبر 2017. فمنذ ذلك الوقت وحتى قرار الحملة بتكليف لجنة تحقيق في ديسمبر من نفس العام، خاضت نسويات الحملة وبالأخص إلهام عيداروس وعزة سليمان معركة من أجل الاتفاق على خطوة التحقيق من الأساس. فكانت العديد من الأصوات داخل قيادة الحملة في البداية إما ترى أن التهم المنسوبة للمرشح الرئاسي ليست «خطيرة» وربما لا تستحق التحقيق أو تخشى تسريب تفاصيل التحقيق وتعريض المرشح لاستهداف أمني أكبر أو أن مسؤولية التحقيق تقع على المؤسسة التي حدثت بداخلها تلك الوقائع. بالتالي، لم يكن تشكيل لجنة تحقيق أصلًا أمرًا بديهيًا حيث كانت العديد من الآراء ترى أن الأمر «لا يستحق».

عندما بدأت لجنة التحقيق بعملها في 16 ديسمبر 2017 بدا الأمر كانتصار نسوي كبير وجعلنا كنسويات داخل الحملة نرتاح بعض الشيء لوجود عملية تحقيق نظنها جادة ومؤسسية، وكان ما زال من المتوقع أن تكون انتخابات الرئاسة في مارس 2018 وبالتالي توقعنا أنه ما زال لدينا متسع من الوقت لكي تنتهي اللجنة من عملها قبل التورط في بدء الحملة الرئاسية رسميًا أو جمع التوكيلات. لكن الهيئة الوطنية للانتخابات أعلنت في بداية يناير عن الجدول الزمني للانتخابات بحيث تتلقى طلبات الترشح في يناير وليس في مارس كما اعتقدنا. ولا أحاول هنا أن أبرر الأخطاء التي ارتكبناها كنسويات على علم بوجود الإيميل بقبول ترشح شخص يمثّل تيارًا يساريًا وتقدميًا متهمًا بالتحرش الجنسي. إلا أنني مهتمة بتوضيح ارتباكنا وسقف توقعاتنا كنسويات خلال الأزمة نفسها لا بأثر رجعي. فبالطبع في اللحظة الحالية إذا تكرر الأمر لن يكون مطروح من الأساس ترشيح شخص متهم بالتحرش بالنسبة لنا كنسويات وأعتقد داخل حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) عمومًا بتركيبته الحالية. أما في ديسمبر 2017 بدا إجراء تحقيق في حد ذاته سابقة وانتصارًا ولم ندرك كنسويات وكأعضاء عمومًا في الحملة أننا تعاملنا بمعايير وأدوات أصبحت قاصرة في لحظة يتغير فيها الخطاب حول العنف الجنسي عالميًا ومحليًا. وفي كل الأحوال مع الإعلان عن الجدول الزمني السريع والضاغط انهمكنا كنسويات في العمل في مهام الحملة العادية وارتحنا (أكثر من اللازم) لوجود تحقيق بالتوازي.

قررت لجنة التحقيق أن تحاول الوصول للشاكية في البداية للاستماع لها قبل أي طرف. ولكن بعد محاولات للتواصل المباشرة وعن طريق وسيطة، أبلغت الشاكية لجنة التحقيق برسالة إلكترونية في يوم 30 يناير 2018 عدم رغبتها في المشاركة في التحقيق حفاظًا على سلامتها النفسية وطلبت منهم عدم التواصل معها مجددًا. وقررت اللجنة استكمال التحقيق بالاعتماد على ما ورد في الإيميل ومقابلة الشهود والمدعى عليهما. استمرت هذه العملية من 28 يناير إلى 10 فبراير 2018. وبالإضافة للمدعى عليهما قابلت اللجنة تسعة شهود متمثلين في أربعة أشخاص مذكورين في الرسالة، وشاهدتين بطلب من المدعي عليهما، وصديقة الشاكية التي كانت وسيطة بينها وبين اللجنة حتى 16 يناير، وشخصين عرفت اللجنة أنهما حضرا جلسة غير رسمية حول الموضوع قبل بدء هذا التحقيق. وهناك شخصان أحدهما يفترض أنه شهد الواقعة الأولى والثاني يفترض أنه كان على تواصل تليفوني مع الشاكية أثناء الواقعة الثانية، لم يقبلا التعاون مع اللجنة.

انتشر الحديث عن الإيميل على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في نفس الوقت الذي أعلن فيه المرشح الرئاسي الانسحاب من الانتخابات في أواخر يناير 2018. ونشرت بعض المواقع نص الإيميل باللغة الإنجليزية كما كتب في الأصل. كما نُشرت عدة نسخ من الإيميل مترجمة للعربية بعضها تضمن إضافات لم ترد بالنسخة الأصلية من الأساس (مثل الإدعاء بأن المدعى عليه الثاني قد تعرى أو اعتدى جسديًا على صاحبة الرسالة)، أو حذف معلومات من الرسالة الأصلية (مثل حذف الإشارة للمؤسسة التي تعرفت فيها صاحبة الإيميل على المدعى عليه الأول قبل وقوع الأحداث). ووقتئذ بدأت المطالبات لنا بالكشف عن حقيقة ما يجري، وموقفنا منه سواء داخل الحزب أو من قبل أطراف أخرى بشكل علني.

تسلمنا نتيجة التحقيق من اللجنة مساء 15 فبراير 2018 وتم إرسال ملخصها لأطراف الشكوى ثم أصدر الحزب بيانًا يعلن استلامنا لنتائج التحقيق يوم 17 فبراير، أثار انتقادات كبيرة. وأبلَغنا المدعى عليه الأول استقالته من الحزب وقبلنا الاستقالة، وأعلن المدعي عليه الثاني استقالته من الحزب عبر صفحته الشخصية بتاريخ 19 فبراير 2018. وفُتح تحقيق داخلي مع المسؤولين في الحزب الذين أداروا الأزمة بشكل بطيء ومتكتم وغير فعال، كما دارت عدة نقاشات حول الأزمة وقضية العنف الجنسي بشكل عام بين الأعضاء المؤسسين للحزب. وبدأنا في اتخاذ بعض الإجراءات مثل إصدار مسودة أولية لسياسة مناهضة العنف الجنسي، والتي نشرت على صفحة الحزب في مارس 2020، وعقد عدد من ورش النقاش مع عدد من النسويات والناشطات القريبات من الحزب. ومن الجهة الأخرى، رفع أحد المحامين دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد الوكيل السابق لمؤسسي الحزب، وضد لجنة شؤون الأحزاب مطالبًا بحظر نشاط حزب العيش والحرية في فبراير 2018 على خلفية تلك الأزمة، وحكمت المحكمة الإدارية العليا بعدم قبول دعوى حظر «العيش والحرية» في 19 يونيو 2021.

نقد ذاتي

يستدعي أدائنا داخل الحملة كنسويات نقدًا ذاتيًا، وإن كانت تأخرت كتابته بشكل علني. وهنا أنا معنية فقط بالأخطاء التي ارتكبت من موقعنا كنسويات منخرطات في الحملة والحزب، لا بالأخطاء التي قد تكون ارتكبتها أطراف أخرى. أولًا، هناك مشكلة واضحة متعلقة بالشفافية من قبل المجموعة التي أدارت تلك الأزمة. فلم يتم إعلام أحد بوجود الإيميل وبعملية التحقيق سوي قيادات الحملة. أما باقي أعضاء الحملة وحزب العيش والحرية فلم يكونوا على دراية بالموضوع حتى تفجر بشكل علني في يناير/ فبراير 2018. وبالإضافة إلى غياب الشفافية بشكل عام، نتحمل نحن كنسويات داخل الحملة ارتكاب خطأ مضاعفًا وأكثر جسامة. فلقد اجتذبنا عضوات للحملة أو لتحرير توكيلات للمرشح واستهدفناهن على أساس هويتهن النسوية، باعتبار حملة مرشحنا حملة «تقدمية»، وباعتبار أن الحركة النسوية مثل الحركة العمالية أو النقابية هي رافد مهم للحركات الديمقراطية والتقدمية عمومًا. بالتالي لقد ساهمنا في تضليل عدد من النسويات أو النساء بشكل عام وتوريطهن في دعم مرشح متهم بالتحرش دون أن يعلمن. ولم يكن تصرفنا مضللًا أو غير شفاف فقط، ولكنه كان أيضًا أبويًا، وكأن باقي المنخرطات في الحملة لا يحتاجن إلى معرفة هذه المعلومات ويكفي أننا ندير عملية التحقيق هذه.

بالطبع كان جزء من المبررات لعدم الشفافية هي اعتبارات متعلقة بالأمان واستهداف المرشح أمنيًا. وكان ينبغي علينا إدراك أنه شئنا أم أبينا سيتم تسريب هذا الإيميل وأننا كان يجب أن نعطي الأولوية للشفافية مع متطوعي الحملة والحزب. ولا أعني هنا أنه لم يكن هناك خطرًا أمنيًا حقيقيًا. بالطبع مرشحنا كان مستهدفًا أمنيًا فعلًا، بل وتم استهداف الحزب لاحقًا على خلفية الإيميل[4] وكان الخطر والاستهداف الأمني جزءًا أساسيًا من ارتباكنا منذ البداية. ولكن كان ينبغي علينا إدراك اللحظة التي يتحول فيها الخطر الأمنى إلى أداة ابتزاز لتأجيل المحاسبة أو تبرير انعدام الشفافية.

أما ثانيًا، فأصبحت أرى بوضوح أن وجودنا كنسويات شارك في تبييض وجه حملة المرشح باعتبارها حملة تقدمية تحمل بعض المطالب النسوية أكثر من كونه دفع من أجل تنفيذ أجندة نسوية. حتى وإن كان التحقيق بدا في وقته كانتصار نسوي ما، بمجرد بدء الحملة والدعاية الانتخابية أصبحنا عضوات نشطات بالحملة قبل أي شيء آخر وأصبح التحقيق «مشكلة» ثانوية أو موازية لوجود الحملة الرئاسية. ويضعنا ذلك أمام سؤال أساسي حول وجود النسويات في تيارات سياسية أوسع. متى يكون وجودنا جزءًا من «جندرة» هذه التيارات، ولدفعها لتبني أجندة أكثر نسوية وتقدمية، ومتى يصبح الاستمرار داخل هذا التيار\ التنظيم\الحملة تواطؤًا وتبييض وجه لأجندة ذكورية؟

أعتقد مثلًا أننا في عملية تأسيس «العيش والحرية» ننجح -ولو ببطء- في تحقيق المهمة الأولى وأن التيارات السياسية لا يمكن تصبح أكثر تقدمية على المستوى الجندري دون وجود نسويات بداخلها. ولكننا لم نستطع رؤية هذا الخيط الرفيع في الحملة وأصبح وجودنا في النهاية به قدر كبير من التواطؤ. وأعتقد أن المشكلة الأساسية كانت في اختلال التوازن بين أولوياتنا النسوية والسياسية خلال الحملة. فكان الاشتراك في حملة مرشح معارض ويساري يقدم حملة قريبة لانحيازاتنا السياسية ودخول معركة انتخابية -وإن كانت هامشية- في وقت جذر سياسي أمرًا مغرًا خاصة في غياب أي مرشحين ديمقراطيين آخرين. ففضلنا وجود المرشح ودعمه على تحمل الكلفة الحقيقية لـ «عدم التسامح مع العنف الجنسي»، وهي الحرمان تمامًا من خوض معركة الانتخابات الرئاسية.

في هذه اللحظة فشلنا في تطبيق ما رددناه نظريًا لسنوات طويلة، أن: «القضايا النسوية هي قضايا سياسية». فتعاملنا مع الانتخابات الرئاسية كمعركة سياسية ومع شكوى الإيميل كموضوع موازٍ يحلّه وجود تحقيق لحين البت في الاتهامات. كان ينبغي أن نرى الإيميل كمشكلة سياسية في صلب المعركة تكفي لسحب مرشحنا أو عدم تدشين الحملة الرئاسية من الأساس. ولكننا فشلنا في إدراك المسألة بهذا الحسم أثناء الحملة نفسها، كما فشلنا في قراءة اللحظة السياسية والنسوية المتعلقة بقضايا العنف الجنسي وكوننا جزءًا من لحظة تتغير فيها معايير التعامل مع المعنفين داخل تياراتنا السياسية. وبالطبع كان الفشل في إشراك الناجية/الضحية في عملية التحقيق أحد اخفاقاتنا الأساسية. فحتى إن كانت الناجية/الضحية تثق في عضوات وأعضاء لجنة التحقيق. ما الذي يجعلها تثق بشكل كامل في لجنة مكلفة من حملة المرشح الرئاسية وأثناء الدعايا الانتخابية؟

بعد حل الحملة وانسحاب المرشح، اضطر «العيش والحرية» أن يتولى تبعات الأزمة في فبراير 2018 رغم عدم اشتراك جميع أعضاء الحزب أو حتى هيئاته القيادية في اتخاذ قرارات الحملة. وأخطأنا في الحزب ككيان بشكل أساسي في إدارة الأزمة داخليًا وفي البيان الذي أصدرناه عند استلام نتيجة التحقيق. فمن ناحية، لم نستطع الحفاظ على استمرار بعض عضواتنا النسويات داخل الحزب وخسرنا وجودهن ودعمهن وتقلصت الكتلة النسوية المحدودة أصلًا داخل الحزب. وربما يكون الشيء الإيجابي الوحيد هو أننا أصبحنا طاردين كذلك للمعنِفين.

ومن ناحية أخرى جاء البيان ليعبر عن ارتباك هذه اللحظة بامتياز. فلم يكن موقفنا النسوي محل اتفاق. كانت هناك بعض الآراء ترى أن تدشين الحملة الرئاسية لم يكن خطأ وأنه لا يمكن حرمان شخص من حقه في الترشح بسبب اتهام لم تثبت صحته، وكانت هناك آراء أخرى لا تزال تخشى الاستهداف الأمني أو الإعلان عن تفاصيل تحقيقاتنا الداخلية في ظل سياق التربص الأمني بنا. لم نستطع كنسويات -عددنا أصلًا قليل- الضغط من أجل سردية معينة يتم توضيحها في البيان وكنا لا نزال مرتبكات حيال موقفنا وسرديتنا. فخرج البيان بصورة سيئة، لم يكن واضحًا إذا كانت رسالته لجمهورنا وحلفائنا أم للدولة، ولم يكن واضحًا عند استخدامه لمصطلحات لجنة التحقيق مثل استخدام لفظ «الفعل المشين» الذي استخدمه تقرير لجنة التحقيق للإشارة إلى سلوك المدعى عليه الأول في ظل عدم قدرة اللجنة على إثبات تهمة الاغتصاب (بغض النظر عن تقديري الشخصي لاستخدام اللجنة لهذا التوصيف)، كما لم نشر في بياننا -وكذلك لجنة التحقيق في تقريرها- إلى أن نتائج هذا التحقيق بالضرورة منقوصة وغير مكتملة لعدم مشاركة الناجية/الضحية في مجريات التحقيق.

بين اليسار والحركة النسوية

بالتأكيد لم تكن هذه المحطة الأولى التي نختلف فيها كأعضاء مؤسسين للحزب حول قضية نسوية، فكانت هناك العديد من النقاشات الصعبة حول قضية العنف الجنسي ودور الدولة تجاهها وموقف الحزب من قضايا مجتمع الميم\عين. إلا أن واقعة الإيميل كانت لها خصوصية بسبب علانيتها الشديدة واختلال بوصلتنا كنسويات. كانت تحديات نقاش الإيميل بالنسبة لنا كنسويات مرتبطة بخصوصية هذه الواقعة تحديدًا وبقضية العنف الجنسي داخل اليسار عمومًا. بالنسبة لواقعة الإيميل، شعر العديد من الزملاء أن الحزب ورط نفسه (أو أن نسويات الحزب ورطوه) في قضية لم تكن «تخصه»، حيث إنه لم يتوجه أحد للحزب بشكوى ولم تحدث هذه الواقعة داخل الحزب، بالإضافة إلى أن المشكو في حقه الأول لم يكن عضوًا نشطًا في الحزب ولم يستوف شروط العضوية من الأساس. واستدعى ذلك نقاش حول واجب التنظيم وحقه في محاسبة أعضائه على جرائمهم حتى إن لم تقع داخل الحزب نفسه. وأثيرت هذه النقطة مرة ثانية خلال النقاشات المرتبطة بسياسة مناهضة العنف ووضعنا بندًا واضحًا يسمح للحزب بالتوجه للشاكية أو فتح تحقيق في حال وجود شكوى علنية ضد أحد الأعضاء حتى إن لم تتوجه هي لنا بشكل مباشر[5]. وهنا تأتي أهمية المنهجية النسوية في رؤية الارتباط بين المجالين «الخاص» و«العام». فبالطبع، يهمنا أن يكون الحزب نفسه مكان آمن للنساء ولكن يهمنا أيضًا ألا نتسامح مع وجود أشخاص مارسوا أي نوع من أنواع العنف المبني على النوع، والأهم ألا يصبحوا رموزًا لتيارنا.

ومن ناحية أخرى، كان النقاش حول ماهية الاتهامات الموجهة إلى المرشح الرئاسي وجديتها أو خطورتها إحدى نقاط النقاش الأساسية التي اختلفت فيها وجهات النظر: لماذا يعتبر الاتهام الموجه إلى وكيل مؤسسي الحزب تحرشًا؟ هل عدم ثبوت تهمة التحرش تحديدًا تعني تبرئته تمامًا من كل ما نسب إليه؟ فتح الإيميل نقاشات عدة حول مفهوم الرضائية في العلاقات الجنسية والحدود بين العلاقات المتحررة والتحرش. واستمرت هذه النقاشات، التي أعتقد أنها مهمة للغاية، أيضًا أثناء صياغة سياسة مناهضة العنف الجنسي.

بقدر ما أتفهم مشروعية التساؤلات حول تعريف العنف الجنسي وأهمية النقاش حول أشكال «العروض الجنسية» و«المغازلة» المقبولة، بقدر ما أشعر أيضًا أنها تعكس في الكثير من الأحيان عدم وعي أو تجاهل للامتيازات الذكورية وعلاقات القوى المتفاوتة التي تتم في إطارها هذه «العروض». لا مجال هنا للدخول في تفاصيل الواقعتين المذكورتين في الإيميل. إلا أن الإيميل يسرد عامين من الاستغلال والعنف الجنسي تعرضت له الناجية/الضحية في مكان عملها، والذي كان وكيل مؤسسي الحزب هو مؤسسه ومديره في فترة من الفترات. فرواية الإيميل وما أقرته اللجنة حتى وإن لم تستطع إثبات التحرش، تبيّن ظروف عمل غير آمنة للنساء وغير داعمة لوجودهن. ويجب أن توضع تلك الأحداث في إطار ظروف الشاكية النفسية والصحية آنذاك والتي جعلتها أكثر عرضة للاستغلال. وكان من المزعج تجاهل كل ذلك في بعض الأحيان والتركيز على أن النسوية تمارس إرهابًا ضد الرجال أو العلاقات الحرة أو أن مآلات هذا الإيميل أو حملة «مي تو» أو موجة «نعم تعني نعم» ستكون كارثية وكأن النسوية هي السائد في المجتمع، لا العكس.

بشكل عام مع كل محطة تخص العنف الجنسي، كثيرًا ما يوجه إلينا نقد من بعض الزملاء داخل تيارنا بسبب «اهتمامنا الزائد» بقضية العنف الجنسي، وأنه ينبغي علينا كيساريات الاهتمام بقضايا «أكثر أهمية» بالنسبة للنساء الكادحات. فلماذا العنف الجنسي؟ وهل يجدر بنا كيساريات الاهتمام بهذا العنف؟ من منظور نسوي، مناهضة العنف التي يتعرض له أي شخص على أساس نوعه\ا هو أمر واجب أيًا كان وضعه\ا الطبقي. ولكن العنف الجنسي ليس قضية «النساء البرجوازيات» وحدهن. العاملات والكادحات يتعرضن للعنف كذلك، بل وقد يكنّ أكثر عرضة لهذا العنف بسبب موقعهن الطبقي. النضال ضد العنف المبني على النوع والمكاسب المترتبة على هذا النضال لا يمكنها إلا أن تصب في مصلحة النساء الفقيرات. إن افتراض أن محاربة العنف التي تتعرض له نساء الطبقات الأكثر فقرًا ليس أولوية بالنسبة لهن ينم في الواقع عن احتقار لهؤلاء النساء وكأن السلامة الجسدية ليست من حقهن أو امتياز «برجوازي». كما أن معاداة كل أشكال التمييز والعنف البنيوي، ومن بينها الأبوية كبنية تمييزية ومستغلة للنساء وليست منفصلة عن ظهور المجتمع الرأسمالي وتقسيم العمل بداخله هو انحياز يساري أصيل. فينبغي علينا تلقائيًا أن نهتم –وبشدة- بقضية العنف ضد النساء باعتبارها التجلي الأكثر فجاجة للتمييز أو القمع الأبوي.

ايضًا يجب علينا تخطي الخطاب الذي يرى أن المسائل «الثقافية» و «الهوياتية» هي مشاكل ثانوية لا فقط لأنها غير منفصلة عن أي تحليل مادي أو اقتصادي، ولكن أيضًا لأن الطبقات التي ننحاز لها كيساريين\ات هي بطبيعة الحال متنوعة بداخلها وتتقاطع فيها أشكال التمييز. فلا توجد «طبقة عاملة» بصيغة المفرد المذكر. كما أن نشأة الخطاب حول سياسات الهوية كانت في الكثير من الأحيان مرتبطة بتيارات راديكالية ويسارية. ومن ناحية أخرى، الاهتمام بقضية العنف الجنسي مرتبط أيضًا بسياق عالمي ومحلي جعل من العنف أولوية الموجة الحالية من الحركة النسوية. ونحن -اليسار المصري أو الحزب أو النسويات بداخله- لسنا منعزلات عما يدور حولنا بل نعتبر نفسنا جزءًا من هذه الحركة النسوية محليًا وربما عالميًا، وبالتالي تتصل نضالاتنا بنضالات النسويات والنساء حولنا.

وفي ما يخص اليسار تحديدًا، هناك جوانب متعددة تخص قضية العنف الجنسي داخل التيار نفسه. ففي أغلب الأحيان يكون من السهل وصم الجناة إذا كانوا ينتمون إلى معسكر نعتبره معادي لنا. ولكننا نجد زملائنا (وربما أنفسنا) في غاية الارتباك إذا كان المتهم من فئة تتعرض لاستغلال طبقي أو تمييز عنصري أو من رفاق يساريين أو داخل نفس التنظيم السياسي، خاصة في سياق سياسي معادي لوجودهم من الأساس. فحساسية وصعوبة قضية العنف أن «العدو» فيها يكون أحيانًا صديقًا أو رفيقًا سابقًا أو رمزًا سياسيًا لتيار ننتمي له وبالتالي تكون الخسائر المترتبة على مواجهة العنف فادحة وشخصية. وما يجب علينا إدراكه -ولم ندركه بوضوح أثناء أزمة الإيميل- أن هذه «الخسائر» التي قد يراها البعض فادحة مثل خسارة كوادر سياسية داخل تيارنا، أو خسارة وحدات حزبية كاملة بسبب مواجهة العنف الجنسي، أصبح ثمنًا ضروريًا وعادلًا ينبغي علينا أن ندفعه كيسار يدّعي أنه جديد. ولا يمكن أن يستقطب أي تنظيم يساري أشخاص ذوي انحياز تقدمي أو مهتمين\ات بقضايا النوع دون أن يصبح طاردًا للأشخاص المعنفة.

لا شك أن العنف الجنسي ظاهرة يعاني منها اليسار مثله مثل أي تيار سياسي آخر ومثل المجتمع ككل. ولكن أزمة اليسار تحديدًا تكمن في ادعائه أنه تيار أكثر تحررًا وتقدمية ويجذب العديد من النساء للاندماج بداخله على هذا الأساس. إلا أن التحرر دون وجود قواعد بديلة للقواعد الأبوية التقليدية يصبح في الكثير من الأحيان استغلالًا للنساء. وبالتالي تصبح المساحة البديلة التي من المفترض أن تكون أكثر تحررًا وأمانًا مساحة للتعنيف والاستغلال أو الابتزاز بقيم «التحرر»، فتنتزع من النساء دوائرها التقليدية دون تقديم بديلًا أكثر أمانًا وحرية. لم يكن محتوى الإيميل صادمًا أو غير مألوفًا، بل ذكرنا بالكثير من التجارب التاريخية المريرة لنساء يساريات وبتجارب شخصية لنا ولزميلاتنا داخل أوساط تقدمية أو يسارية. هذا هو إرثنا التاريخي كتيار وينبغي علينا أن نواجهه ونعيه جيدًا. وهذا هو دورنا كنسويات أصبحن جزءًا من جيل نسوي لم يعد يقبل أن تكون أجساد النساء ثمنًا لأي انتصار أو مكسب سياسي.

على صعيد آخر، كشفت أزمة الإيميل أيضًا عن توترات داخل الحركة النسوية وتساؤلات حول معنى التضامن النسوي، ربما لم ننتبه لها بهذا الوضوح من قبل. فالكثير من النقاشات التي نخوضها كنسويات داخل تيار أو تنظيم تبدو بديهية أو غير ضرورية إلى العديد من زميلاتنا والعديد من الموائمات التي نقبلها تكون غير مرضية من وجهة نظرهن. بالطبع كانت المشكلة الأساسية في أزمة الإيميل في تعاملنا نحن كنسويات داخل الحزب أو الحملة، لا فقط بسبب مشاركتنا في الحملة الانتخابية، ولكن أيضًا لغياب الشفافية وعدم إشراك أطراف أوسع من الحركة النسوية للتفكير في الأزمة منذ بدايتها باعتبارهن حليفات وزميلات. فلم ندرك في هذه اللحظة موقعنا ودورنا داخل الحركة النسوية. وفي نفس الوقت شعرت خلال الأزمة نفسها أن موقعنا كنسويات حزبيات غير مرئي وأن المعركة تبدو أحيانًا كمعركة بين نسويات من خارج هذا التيار أو التنظيم و «رجال اليسار» أو «المتحرشين». فهل موقعي كنسوية حزبية غير مفيد أو هامشي؟ وهل هناك ضرورة لوجود هذا الموقع النسوي من الأساس؟ كنسوية يسارية أؤمن تمامًا بضرورة وجود تنظيمات يسارية جديدة وبضرورة وجود نسويات داخل هذه التنظيمات. فإذا كان هناك أمل أن ترقى ممارسات اليسار لمستوى خطابه «النسوي» و«التقدمي» فلا يمكن أن يحدث ذلك سوى بوجود نسويات داخل هذا التيار. لذلك أعتبر حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) مشروعي السياسي والنسوي أيضًا. وأعي تمامًا أن ذلك يعني الوصول لموائمات وحلول وسط لا تكون دائمًا مرضية بالنسبة لي أو لزميلاتي على الصعيد النسوي، ولكن أزمة الإيميل جعلتني أكثر وعيًا بالخيط الذي يفصل «الموائمة» كخطوة على طريق تبني خطابات نسوية أكثر جذرية و«الموائمة» كتواطؤ كامل على العنف والميول الذكورية. كما أصبحت مهمومة بسؤال التضامن النسوي وكيفية ممارسته من مواقع نسوية متباينة خاصة في أوقات الاختلاف داخل الحركة.

أعتقد أننا استطعنا مراجعة أنفسنا وإدارة تحالفاتنا النسوية بشكل أفضل على مدار السنوات الثلاث الماضية بمساعدة زميلات وصديقات نسويات تضامنّ مع موقعنا وشاركنّ في النقد والمناقشة حول أزمة الإيميل وقضية العنف الجنسي عمومًا. كما استطعنا أيضًا بمساعدة زملائنا أخذ بعض الخطوات إلى الأمام في قضية العنف الجنسي مثل تبني سياسة لمناهضة العنف ومواجهة المعنفين من داخل تيارنا أو تنظيمنا، فأصبحت العديد من النقاط التي أثارت خلافات خلال أزمة الإيميل مثل خسارة كوادر سياسية بسبب الممارسات الجندرية، أو فتح تحقيقات دون وجود شكوى رسمية موجهة لنا محل اتفاق أكثر من ذي قبل. ولا يوجد لديّ شك أننا سنمر بمحطات ونقاشات أخرى صعبة وقاسية طالما اخترنا محاولة تأسيس تنظيم يساري.

لم أستطع تخطي شعور كوني نسوية «سيئة» لفترة طويلة بعد أزمة الإيميل. أتردد كثيرًا في مشاركة أي آراء نسوية خاصة تخص العنف الجنسي بشكل علني، وأشكك طوال الوقت في وعيي النسوي، أو كوني نسوية «حقيقية». ولم أتحرر من هذا الشعور إلا عن طريق الاعتراف بالخطأ لا التطهر منه وتقبل الإخفاق وحتى الوصم. ما زلت أؤمن تمامًا بأهمية دور النسويات اليساريات داخل تنظيماتهن. وما زلت أؤمن أننا كنسويات يساريات يمكننا أن نفعل ما هو أكثر من الشعور بالمرارة.. ويمكننا أن نفشل وننجح كفاعلات أساسيات داخل تياراتنا.

هوامش

  1. «survivor -led process» ويقصد بهذا التعبير عملية تحقيق تمركز الناجية واحتياجاتها وتكون الناجية شريكة أساسية في عملية تحقيق العدالة
  2. Carruthers, Charlene. Unapologetic: A Black, Queer, and Feminist Mandate for Radical Movements. Boston: Beacon Press, 2018.
  3. لاكوان ماكدونالد شاب أسود قتل من قبل شرطة شيكاغو في أكتوبر 2014 لإدعاء الشرطة أنه كان يحمل “سكين”، فأطلقت الشرطة النار عليه وأصابته بستة عشر طلقة في أحد حوادث العنصرية والعنف الشرطي الممنهج بالولايات المتحدة. انطلقت بعد الحادث عدة مظاهرات تطالب بالعدالة للاكوان ماكدونالد وتندد بالعنصرية الممنهجة في جهاز الشرطة الأمريكية.
  4. كما هو موضح في الفقرة السابقة.
  5. البند 6.3.3 ينص على أنه في حالة وجود شهادة مكتوبة ضد أحد أعضاء\عضوات الحزب أو دعوى قضائية ضده\ا، تقوم لجنة شكاوى العنف الجنسي بفتح تحقيق حتى إن لم تتواصل الشاكية مع الحزب مباشرة وتبذل لجنة شكاوى العنف الجنسي قصارى جهدها للتواصل مع الشاكية.