موانع حمل هرمونية

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

موانع حمل هرمونية(أيضا: وسائل تحديد النسل الهرمونية) وسائل طبية لمنع الحمل تشمل أدوية وأجهزة طبية تستخدم لمنع الحمل لدى النساء تستخدم إما المشتقات المصنعة البديلة للبروجسترون المعروفة باسم البروجستين منفردةً أو المشتقات المصنعة للبروجسترون والاستروجين معًا من أجل تعطيل المسار الطبيعي للدورة الشهرية ومنع تهيئة الظرف الفسيولوجي الطبيعي المطلوب من أجل حدوث الإخصاب والحمل. (بالإنجليزية: Hormonal Contraceptives)

تستخدم العديد من الطرق طبيًا من أجل إيصال موانع الحمل الهرمونية، أي المشتقات المصنعة البديلة للبروجستين منفردةً أو المشتقات المصنعة البديلة للإستروجين والبروجستين معًا، إلى الجسم، وهي تُعطى على شكل حبوب أو حقن أو زرعها داخل الجسم باستخدام أجهزة وأدوات مثل: الغرسات تحت الجلدية، الحلقات المهبلية الهرمونية واللولب الهرموني، أو إلصاقها على الجلد مثل: اللصقة الهرمونية. جدير بالذكر أن بروجستين هو مصطلح طبي يُستخدم لوصف جميع المشتقات البديلة المصنعة لهرمون البروجسترون الطبيعي الذي يفرزه المبيض.

تاريخ

اكتشف تأثير الهرمونات الجنسية الأنثوية على الدورة الشهرية والإباضة والحمل لأول مرة في عشرينات القرن الماضي، اكتشف النمساوي لودفيغ هابرلاندت تأثير الهرمونات الأنثوية على الحمل عند حيوانات التجارب عندما قام بحقنها معمليًا بمستخلص المبيض، أي حقنها بمستخلص يحوي جميع المواد الطبيعية التي يتشكل منها المبيض ويفرزها، بما في ذلك الهرمونات الجنسية، بدون عزل أو تنقية، قام إدغار آلن وإدوارد دويزي لاحقًا في 1929 باستخلاص وعزل هرمون الإستروجين لأول مرة، كما نجح أدولف بوتناندت باستخلاص وعزل هرمون البروجستين في 1934 كذلك.

لقد كانت الجهود الداعمة لتوفير وسائل منع الحمل في أوروبا وأمريكا الشمالية خلال النصف الأول من القرن العشرين مدفوعة بالفلسفات التي تبنتها الموجة النسوية الأولى بالإضافة إلى أفكار توماس مالتوس عن الانفجار السكاني وتناقص الموارد الطبيعية في العالم، وقد نشطت حركة حركة تحديد النسل Birth Control Movement في الولايات المتحدة وتصدرتها ناشطات مثل مارجريت سانجر وإيثل بيرن وفانيا مندل، وقد تعرضن جميعًا إلى ملاحقات قانونية مستمرة بسبب جهودهن العملية للترويج لأفكار الحركة وتطبيقها بشكل عملي، والذي تمظهر على شكل افتتاح عدة عيادات مخصصة لنشر وسائل منع الحمل، كانت أولاها في مدينة نيويورك في 1916. إلا أن الخدمات التي كانت تُقدم في ذلك الوقت داخل مثل تلك العيادات في ذلك الوقت كانت تعتمد على النصائح وتبادل الخبرات بين النساء وتوفير وسائل منع حمل حاجزية مثل الواقي الذكري وغطاء عنق الرحم. وقد تعرضت ناشطات الحركة للملاحقة القانونية في نيويورك بناء على قانون كومستوك الذي كان يمنع تداول أي مواد أو معلومات تشجع على الرذيلة، حيث كانت وسائل منع الحمل تُصنف كوسائل للتشجيع على الرذيلة والانحلال الأخلاقي في نظر المحافظين والجماعات الدينية.[1]

في الخمسينات قدم كل من العالم الأحيائي جريجوري بينكوس والطبيب جون روك أول مانع حمل هرموني يُتناول عن طريق الفم يتكون من مركب بروجستيني، "مسترانول" Mestranol، ولاحقًا أضيفت له جرعة منخفضة من مشتق إستروجيني، "نورإتينودريل" Noretynodrel، بعد أن أظهرت الدراسات أنها تعزز من فعالية "ميسترانول" بشكل كبير.[2]

بعد سلسلة من الدراسات الطبية السريرية التي أجريت في بوسطن وبورتو ريكو، حصل مزيح "مسترانول" "ونورإثينودريل" (سُوِّق لأول مرة تحت الاسم التجاري "إينوفيد" Enovid) على تصريح للتداول في الولايات المتحدة وبريطانيا، أولًا كعلاج لاضطرابات الدورة الشهرية في 1957 ولاحقًا كحبوب لمنع الحمل في 1960.[3]

اعتمد هذان الخياران (مركب بروجستيني فقط أو مشتق إستروجيني مع مركب بروجستيني) لاحقًا كأساس لجميع موانع الحمل الهرمونية حتى تلك التي لا تعطى عن طريق الفم، وقد استمرت الدراسات لاحقًا على الأدوية التي تندرج تحت هذين الخيارين من أجل تحسين أدائها وفعاليتها ومحاولة تخفيف أعراضها الجانبية ودراسة الآثار طويلة المدى لاستخدامها.

أنواع موانع الحمل الهرمونية

بدأت ثورة وسائل منع الحمل الهرمونية أولًا باستخدام الحبوب والتي كانت ولا تزال في أغلب الأحيان خيارًا رخيصًا وسهل الاستخدام ولا يحتاج تناولها إلى تدريب أو خبرة طبية خاصة، ومع تطور العلوم الصيدلانية بدأت تتوافر أشكال صيدلانية مختلفة لموانع الحمل تحقن أو تُزرع أو تُلصق داخل الجسم أو خارجه. الهدف وراء تنوع الأشكال الصيدلانية هذه هو تسهيل استخدام وسائل منع الحمل وتوفير خيارات طويلة الأمد خاصة للنساء اللواتي تجد صعوبة في متابعة استخدام الحبوب بانتظام وبشكل مثالي وعادة ما تنسى تناول الجرعة أو تتناولها في موعد مختلف عن موعدها المعتاد يوميًا وهو ما يقلل من فعاليتها ويزيد من مخاطر فشل وسيلة منع الحمل.

حبوب منع الحمل

تستخدم حبوب منع الحمل على نطاق واسع من كواحدة من أكثر وسائل منع الحمل انتشارًا على مستوى العالم. عادة تبلغ نسبة نجاح حبوب منع الحمل ما بين 91 - 97.3% حسب دقة الاستخدام.[4] تنقسم حبوب منع الحمل إلى قسمين رئيسين بحسب تركيبها، فهناك حبوب مزجية تتكون من مزيج من مركب بروجستيني ومشتق إستروجيني وحبوب منفردة تحتوي على أحد مركبات البروجستين منفردًا.

آلية التأثير

يعمل البروجستين على زيادة سماكة الغشاء المخاطي لعنق الرحم ويقلص حجم بطانة الرحم بحيث يصبح الرحم مكانًا طاردًا للحيوانات المنوية، فلا تقدر الحيوانات المنوية على العبور إلى داخل الرحم ولا اختراق بطانة الرحم للقيام بالتخصيب، كما يقوم الإستروجين أيضًا بتثبيط التبويض (بنسبة 90 - 95%) عن طريق تثبيط افراز هرمونات الغدة النخامية LH و FSH المسؤولة عن تحفيز الإباضة، يتداخل البروجستين أيضًا مع عملية الإباضة عن طريق تقليل حركة البويضات عبر قناة فالوب.[5]

الفعالية

تصل فعالية حبوب منع الحمل المزجية إلى 91% من النساء اللواتي يستخدمن الدواء بشكل واقعي Typical Use أي مع الأخذ بعين الاعتبار حدوث هفوات في الاستخدام أو نسيان مواعيد الدواء في بعض الأحيان، بمعنى أن 9 نساء من كل 100 امرأة تستخدم حبوب منع الحمل قد يحدث لديهن حمل غير مرغوب خلال السنة الأولى من الاستخدام، وفي حالة تناول حبوب منع الحمل بشكل مثالي Perfect Use تنخفض نسبة الحمل غير المرغوب إلى 0.5% (نسبة الفعالية 99.5%).[6][7]

الأعراض الجانبية

تؤثر حبوب منع الحمل على النساء بأشكال متفاوتة، تتراوح ما بين اختلاف شدة الأعراض أو حدوثها من الأساس، وتختبر بعض النساء أحيانًا أعراضًا وتأثيرات متناقضة.

تشمل الأعراض الجانبية الأكثر شيوعًا لحبوب منع الحمل: الغثيان والقيء، الصداع، المغص والهزال، ألم الثديين وزيادة الوزن بسبب احتباس السوائل. يمكن أن تصاب مستخدمة حبوب منع الحمل كذلك باضطراب في الدورة الشهرية، يتراوح ما بين انقطاع الدورة إلى زيادة فترة الدورة الواحدة (فترة الحيض).[8] في بعض النساء ترتفع احتمالية الإصابة بسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، وهي احتمالية ضئيلة يُجادل في كونها غير مؤثرة ولا علاقة لها بحبوب منع الحمل اطلاقا. كما أن بعض الدراسات تربط بين حبوب منع الحمل وبين انخفاض نسبة الإصابة بسرطانات أخرى منها سرطان الرحم والمبيض والأمعاء.[9] تزيد حبوب منع الحمل أيضًا في بعض الحالات من مخاطر حدوث الجلطات الشريانية والتخثرات الوريدية العميقة، كما أنها تزيد من احتمالية ارتفاع ضغط الدم ويتعارض استخدامها مع المصابات بضغط الدم المرتفع.

تختبر أيضًا بعض النساء في حالة استخدام حبوب منع حمل منفردة، خاصة خلال شهور الاستخدام الاولى، نزيفًا غير منتظم بين الدورات الشهرية، تتسبب به الجرعة المنخفضة من الإستروجين التي تتسبب في عدم استقرار بطانة الرحم. تؤثر موانع الحمل المنفردة أيضًا على عملية استقلاب العظام، ويؤدي استخدامها طويل الأمد (خاصة في حالات الحقن) لمدة سنتين أو أكثر إلى إصابة المستخدمة بهشاشة (ترقق) العظام، على النقيض من موانع الحمل المزجية التي تحتوي على الاستروجين الذي يؤثر إيجابًا على كثافة العظام.

طريقة الاستخدام

تتوفر حبوب منع الحمل في عبوات تتكون من 21 أو 28 أو 30 حبة (منها سبعة حبوب أو أقل تحتوي على علاج وهمي أو حديد وفيتامينات)، وتكون أشرطة الحبوب غالبًا مُعلَّمة بالأيام من الخلف لمساعدة مستخدمة الحبوب على تتبع الجرعات اليومية، ويمكن استخدامها حسب واحدة من الطرق الثلاثة التالية:

  • البداية السريعة (بالإنجليزية: Quick Start): بداية الاستخدام مباشرة عند اليوم الذي يصف فيه الطبيب حبوب منع الحمل، تبدأ فعالية الدواء خلال أسبوع من بداية الاستخدام ويتطلب خلال هذه الفترة استخدام وسائل منع حمل إضافية مثل الوسائل الحاجزية في حال حدوث أي جماع. ينصح بهذه هذه الطريقة غالبًا في حالة استخدام حبوب منع الحمل لعلاج اضطرابات الدورة الشهرية أو في حالة توقعت المرأة عودتها للنشاط الجنسي في منتصف الدورة الشهرية بعد فترة من الخمول.
  • بداية يوم الأحد (بالإنجليزية: Sunday Start): يبدأ استخدام الحبوب في أول يوم أحد بعد بداية الحيض. طريقة أكثر شيوعًا وتعتبر أسهل للاستخدام، يبدأ مفعول الحبوب بعد أسبوع من بداية الاستخدام ويتطلب خلال هذه الفترة استخدام وسائل منع حمل أخرى في حال حدوث أي جماع.
  • بداية اليوم الأول (بالإنجليزية: First Day Start): يبدأ استخدام الحبوب في أول يوم من الحيض. أسرع طرق الاستخدام فعالية ويبدأ مفعولها من اليوم الأول، ولا تتطلب وسيلة منع حمل احتياطية خلال الأسبوع الأول.[10]

يمكن أن تختار مستخدمة حبوب منع الحمل الطريقة المناسبة إلا في حال نصحت الطبيبة بطريقة مختلفة أو أعطت توجيهات أخرى. عادة ما يُفضل استخدام حبوب منع الحمل المزجية من أجل ضمان فعالية أكبر، لكن تستخدم حبوب منع الحمل المنفردة (البروجستين فقط) في حالات الارضاع.

من الضروري أخذ الحبة في ذات الموعد من اليوم دائمًا من أجل الحصول على أفضل نتائج من الحبة على الإطلاق، يعتبر بعض الأطباء تأخرًا لمدة 3 ساعات فقط عن موعد الحبة اليومي بمثابة تأخير ليوم كامل قد يؤدي إلى حدوث حمل غير مرغوب.

حبوب منع الحمل الطارئة

تسمى أيضًا حبوب الصباح التالي (بالإنجليزية: Morning after pill) وسيلة تستخدم بعد الجماع غير المحمي أو في حالة فشل الوسيلة المستخدمة لمنع الحمل، مثل تمزق الواقي الذكري. تهدف هذه الحبوب إلى منع حدوث الحمل قبل بدايته ولا تعتبر وسيلة للإجهاض.[11] تحتوي عادة على جرعة عالية من مانع الحمل الهرموني، إما مركب بروجستيني أو مزيج من مركب بروجستيني ومشتق إستروجيني سويةً. كما يستخدم أيضًا علاج غير هرموني هو "أسيتات الأوليبرستال" ulipristal acetate، وتستخدم الطرق الثلاثة كما يلي:

  • حبوب البروجستين الطارئة: تحتوي عادة على جرعة عالية من "ليفونورجيستريل" levonorgestrel تؤخذ إما مرة واحدة أو تُقسم الجرعة إلى حبتين بحيث تُؤخذ حبة كل 12 ساعة، يُستخدم "ليفونورجيستريل" لمنع الحمل الطارئ خلال مدة لا تزيد عن 72 ساعة من الجماع ويمكن أن يُستخدم خلال 120 ساعة ولكن بفعالية أقل.
  • الحبوب المزجية الطارئة: تحتوي على جرعة عالية من "اثينيل استراديول" ethinyl estradiol بجانب "ليفونورجيستريل"، تُقسم الجرعة إلى حبتين وتُؤخذ كل واحدة منهما مرة كل 12 ساعة على أن تُؤخذ الجرعة الأولى خلال مدة لا تزيد عن 72 ساعة بعد الجماع أو 120 ساعة كحد أقصى. توقف استخدامها بسبب أعراضها الجانبية الشديدة مثل الغثيان والقيء والمغص والصداع. على الرغم من ذلك تلجأ بعض النساء لاستخدامها بسبب توافرها بدون الحاجة لوصفة طبية، حيث تُستخدم حبوب منع الحمل المزجية العادية مع ضبط جرعتها وذلك لأنها متوفرة بدون وصفة طبية في معظم دول العالم. في بعض الأحيان تكون الحبوب الأخرى متوافرة بدون وصفة طبية ولكن ذلك مشروط بعدم بيعها للمراهقات أو البالغات من العمر أقل من سبعة عشر عامًا.
  • أسيتات الأوليبريستال: لا يعتبر مشتقًا هرمونيًا ولكنه يمنع الحمل عن طريق التداخل مع مستقبلات البروجسترون في الجسم، ولا يعتبر فعالًا لمنع الحمل عند استخدامه بانتظام مثل أنواع حبوب منع الحمل الأخرى. يُؤخذ الأوليبريستال جرعة واحدة خلال مدة لا تزيد عن 120 ساعة من الجماع، ويعتبر خيارًا مفضلًا لمنع الحمل الطارئ بسبب فعاليته مقارنة بالأنواع الأخرى، على الرغم من ارتفاع ثمنه.[5]

حقن منع الحمل

موانع حمل هرمونية تعمل بنفس آلية التأثير الخاصة بحبوب منع الحمل، ويمكن أن تحتوي على مركب واحد (حقنة منفردة، تحتوي على بروجستين) أو مركبين (حقنة مزجية تحتوي على بروجستين وإستروجين). تتميز الحقن بأنها طويلة الأمد ويمكن استخدامها مرة شهريًا أو مرة كل ثلاثة أشهر وهو ما يعطيها ميزة بالنسبة للنساء اللواتي يواجهن صعوبة في الالتزام بتناول الحبة بشكل يومي، حيث يكون الهرمون مشمولًا داخل تركيبة مخزنية Depot يُحضر على شكل معلق بلوري غير ذائب أو حقنة زيتية، وهو ما يمنح الدواء ميزة التحرر البطيء من التركيبة المخزنية (المستودعية) وبذا تستمر فعاليته لفترة طويلة تتراوح ما بين أربعة أسابيع للحقن المزجية وثمانية إلى 13 أسبوع للحقن المنفردة. تحقن إما في العضل أو تحت الجلد. تثير حقن منع الحمل مخاوف بسبب الاستخدام طويل الأمد، وعلى الرغم من كونها تُعد طريقة مؤقتة آمنة وفعالة بنسبة تصل إلى 99% إلا أنها قد تؤثر على الخصوبة ويحتاج الجسم إلى عدة أشهر من التأقلم قبل عكس تأثيرها:

  • حقن البروجستين: تحتوي بالعادة على "أسيتات الميدروكسي بروجسترون" medroxyprogesterone acetate أو "نوريثيستيرون إينانثيت" norethisterone enanthate، تُعطى مرة كل ثلاثة أشهر، يمكن أخذها مباشرة بعد الولادة وآمنة خلال الرضاعة. تُؤثر حقن البروجستين سلبًا على كثافة العظام وتسبب زيادة الوزن كما أن أحد أشهر أعراضها الجانبية هو انقطاع الحيض (الدورة الشهرية) بعد سنة كاملة من الاستخدام (حوالي 55% من المستخدمات).[12]
  • الحقن المزجية: تحتوي بالعادة على إستراديول بالإضافة إلى مركب بروجستيني (نورثستيرون - مدروكسي بروجسترون - ألجستون أسيتوفينايد - ميجسترول .. إلخ)، تعطى كل شهر ويجب الالتزام بالجرعة الشهرية في موعدها من أجل الحصول على التأثير المطلوب وتجنب الحمل غير المرغوب.[13]

الغرسة المانعة للحمل

الغرسة تحت الجلدية (بالإنجليزية: subdermal implant) جهاز طبي يُزرع جراحيًا تحت الجلد في الطبقة الدهنية تحت طبقة الأدمة، يستخدم لإطلاق دواء معين إلى الجسم بواسطة تقنية التحرر البطيء طويل الأمد من مستودع محفوظ داخل الجهاز المزروع، تعمل بذات المبدأ المستخدم في حقن منع الحمل طويلة الأمد، ولكن مع فارق مهم هو أن الدواء محفوظ داخل الجهاز وليس داخل مادة سائلة محقونة، كما أن الجهاز يزرع جراحيًا وليس بالحقن، وتستمر فعاليته لعدة سنوات وليس لعدة أسابيع.

تكون الغرسة الهرمونية عادة على شكل أنبوبة صغيرة تشبه عود الثقاب بطول 4 سم وبسماكة 2 ملم،[14] وتزرع في الجزء الداخلي من عضد اليد الأقل استخدامًا. تحتوي الغرسات الهرمونية تحت الجلدية عادة على مشتق بروجستيني فقط، وتملك فعالية تصل إلى 99% من الحالات. تستخدم الغرسة الواحدة لمدة تتراوح ما بين ثلاثة سنوات إلى خمسة سنوات حسب النوع المستخدم.[15]

اللصقة المانعة للحمل

لصقة رقيقة مربعة الشكل توضع فوق الجلد تُلصق على الكتف أو البطن أو أعلى الذراع أو أعلى الفخذ. تحتوي على مشتق بروجستيني وتقوم بتحريره ببطئ ليمتصه الجسم عبر الجلد، تبلغ فعاليتها عند استخدامها بشكل صحيح حوالي 99%، ولكن في الواقع تصل النسبة إلى حوالي 92%، وهي قريبة من معدلات نجاح وسائل منع الحمل الهرمونية الأخرى.[16]

تستخدم لمدة ثلاثة أسابيع خلال الدورة الواحدة وتُزال خلال الأسبوع الرابع. تُبدل اللصقة مرة واحدة كل أسبوع.[17] [18] الاستخدام المتكرر للصقة في ذات المكان قد يتسبب في انفصال اللصقات الجديدة أو حدوث تهيج في الجلد وتغير في لونه. من سلبياتها أيضًا هو فشل التحرر التدريجي للمشتق الهرمونية وقد لوحظ في بعض الحالات وجود تركيز أعلى من الدواء في الدم بالنسبة للنساء اللواتي يستخدمن اللصقة مقارنة بالنساء اللواتي يستخدمن الحبوب. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة حدة الأعراض الجانبية وزيادة مخاطر الاستخدام طويل الأمد للصقات.[5]

الحلقة المهبلية

حلقة بلاستيكية مرنة يبلغ محيطها حوالي 5 سم، توضع داخل المهبل وتحتوي على مزيج من مشتقين هرمونيين بروجستيني وإستروجيني (محتوى هرموني مزجي)، تستخدم بشكل شهري، ويمكن أن تستخدمها النساء بشكل ذاتي بدون مساعدة طبية. تُستبدل الحلقة مرة كل 3 إلى 5 أسابيع حسب نوعها، يبدأ مفعولها خلال خمسة أيام من بداية الاستخدام ويجب خلال هذه الفترة استخدام وسيلة منع حمل احتياطية.[5]

عند الاستخدام يجب مراعاة تنظيف اليدين وتعقيمهما جيدًا، تَضغط الحلقة بعد غسلها وتجفيفها باستخدام اصبعين حتى تتحول إلى شكل إهليجي، وتُدخل إلى داخل المهبل، ومن المفترض ألا تشعر المستخدمة بالحلقة كما أنها مصنوعة من بوليمرات خاملة لا تسبب تهيجًا للنسيج المهبلي. تستخدم الحلقة لمدة 3 - 5 أسابيع وتُزال لمدة أسبوع قبل استخدام حلقة جديدة. عند إزالة الحلقة يجب غسل اليدين جيدًا، تدخل المستخدمة إصبعًا واحدا داخل المهبل للوصول إلى طرف الحلقة وتُسحب إلى الخارج.[19]

اللولب المهبلي

اللولب أداة نحاسية توضع داخل الرحم تهدف إلى منع التصاق البويضة ببطانة الرحم، يُعتبر اللولب وسيلة فعالة لمنع الحمل ولكنه ليس وسيلة هرمونية أو حاجزية حيث أن تأثيره الأساسي لا يتضمن التأثير على الدورة الشهرية ولا منع عبور الحيوانات المنوية إلى الرحم. على العكس من اللولب النحاسي، فإن اللولب الهرموني يتكون من البلاستيك ويتخذ ذات الشكل الصليبي المشابه للولب النحاسي ولكنه يحتوي على مشتق بروجستيني (عادة ما يكون "بروجستوجين" progestogen) يقوم بتحريره بشكل تدريجي لمنع الحمل.

يعتبر اللولب الهرموني أكثر وسائل منع الحمل الهرمونية تأثيرًا واستدامة، ويمكن أن تستمر فعاليته حتى ثمانية سنوات بنسبة نجاح تصل إلى 99.7%، وهو يجمع بين خصائص موانع الحمل الهرمونية واللولب النحاسي.

يحتوي اللولب الهرموني عادة على خيطين رفيعين من النايلون يتدليان باستمرار من فتحة عنق الرحم، ويمكن لمستخدمة اللولب أن تشعر بهما في حال حاولت إدخال أصابعها داخل المهبل، ويستخدمان كمؤشر للتأكد من وجود اللولب واستقراره في وضعية صحيحة. [20]

منع الحمل الهرموني للذكور

تعتمد جميع الأدلة والمراجع الخاصة بمنع الحمل وسيلتان فقط لمنع الحمل لاستخدام الذكور، الأولى هي الواقي الذكري والثانية هي جراحة قطع القناة الدافقة، إلا أنه لا يوجد لحد الآن أي أدوية هرمونية تؤثر على خصوبة الذكور على الرغم من العديد من التجارب الواعدة التي تثبت فعالية العلاج الهرموني للذكور لمنع الحمل بشكل آمن وفعال وقابل للانعكاس

هرمون تستوستيرون كمانع للحمل عند الذكور

أجريت الكثير من الدراسات خلال العقود الماضية من أجل الوصول إلى ابتكار مانع حمل هرموني فعال للرجال، وتفيد العديد من الدراسات أن حقن "تستوستيرون" testosterone تعتبر خيارا آمنا وفعالا من أجل تثبيط قابل للانعكاس لعملية تخليق الحيوانات المنوية (يمكن أن يصل تعداد الحيوانات المنوية الى أقل من ثلاثة ملايين حيوان منوي لكل مل، وفي بعض الحالات يُحقق رقم أقل من مليون حيوان منوي لكل مل في كل قذفة)، كما أن تأثير هرمون تستوستيرون يتحسن بشكل ملحوظ عند مزجه بجرعة من مشتق بروجستيني.[21]

تبلغ فعالية مزيج تستوستيرون مع مشتق بروجستيني حوالي 94%، ويعني ذلك أن حوالي 6% فقط من الرجال الذين يتناولون حقن تستوستيرون مع مركب بروجستيني لا يصلون الى تعداد حيوانات منوية أقل من ٣ ملايين لكل مل في كل قذفة. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تعتبر ممتازة خاصة عند مقارنتها مع نسب فعالية الاستخدام الواقعي لموانع الحمل الهرمونية الأنثوية إلا أن الدراسات لم تستغل لحد الآن لابتكار دواء يستخدم لمنع الحمل الهرموني لدى الرجال.

إن تستوستيرون لا يمكن أن يُعطى إلا عن طريق الحقن، وهي وسيلة غير مفضلة بالنسبة لمستخدمي الأدوية التي تعطى بانتظام لفترة طويلة، ولكن لم تُجر لحد الآن أية أبحاث جادة من أجل ابتكار مشتقات بديلة آمنة قابلة للتناول عن طريق الفم. تشمل الأعراض الجانبية لاستخدام هرمون تستوستيرون تقلبات مزاجية وأعراضا نفسية وتغيرا في الرغبة الجنسية وزيادة في الوزن وظهور حب الشباب والتعرق، وهي لا تختلف في حدتها عن الأعراض الجانبية التي تترافق مع استخدام موانع الحمل الهرمونية الأنثوية، كما يمكن تخفيفها عن طريق التحكم في الجرعة.

منع حمل غير هرموني للرجال

نشرت جامعة مينيسوتا في الولايات المتحدة مؤخرا في مارس 2025[22] نتائج دراسة لا تزال في طورها المبدئي عن دواء جديد يحمل الاسم الرمزي YCT-529 الذي طور بحيث يقوم بالتداخل مع مستقبلات حامض الريتونيك من النوع ألفا RARa الذي يملك دورا محوريا في عملية تخليق الحيوانات المنوية، وتثبت التجارب التي أجريت على الفئران والقردة العليا أن الدواء التجريبي يملك درجة فعالية عالية وقد ثبط معدلات الخصوبة عند عينات الاختبار خلال فترة 4 أسابيع بشكل فعال. كما أن عينات الاختبار قد استعادت معدلات الخصوبة بعد التوقف عن حقنها بالدواء. لا تزال التجارب على YCT-529 في بدايتها وقد يحتاج الأمر لسنوات قبل الوصول إلى دواء فعال وآمن.

منع الحمل الهرموني في السياق الثقافي والاجتماعي

كان عزل الهرمونات الجنسية الأنثوية لأول مرة وتخليق بدائل مصنعة عنها أو مشتقات لها خطوة لها تأثير ثوري في عالم الطب والفسيولوجيا، حيث كانت هذه هي الخطوة الأولى في الطريق نحو تصنيع موانع حمل كيميائية في عالم كان لا يزال يعاني من قبول فكرة منع الحمل من الأساس. في ذلك الوقت كانت الوسائل المتوفرة لمنع الحمل تعتمد على وسائل منع حمل حاجزية مثل الواقي الذكري أو غطاء عنق الرحم، وكانت هذه الوسائل في بدايات القرن العشرين محدودة الفعالية أو مرتفعة الثمن ومرفوضة من قبل السلطات على الرغم من تعطش المجتمع ذاته لوجود آليات فعالة وآمنة ومضمونة لمنع الحمل، كما أن البحث عن وسائل منع للحمل كان هاجسًا اجتماعيًا في ظل انتشار الأفكار المالتوسية عن شح الموارد في مقابل ارتفاع لوغاريتمي للسكان والذي سيصل بالكوكب يومًا ما إلى حد الاختناق السكاني.

تنظيم النسل في الإسلام

يقبل علماء المسلمون منع الحمل كوسيلة لتنظيم النسل، وذلك من أجل الحفاظ على صحة الأمهات وتحاشي تأثير الولادات المتلاحقة على صحة الأجنة وحمايتها من العيوب الخلقية.[23] إلا أن هذا القبول لتنظيم النسل يظل متحفظًا في أحسن الأحوال، وعلماء المسلمون يشددون دومًا على الفارق الجوهري بين تنظيم النسل وتحديد النسل، أي رفض الإنجاب بشكل كامل، كما أن النبي محمد قد ورد عنه في كثير من الأحاديث الصحيحة دعوات صريحة للتزاوج والتكاثر، منها الحديث الشريف: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم".[24]

ويمكن المحاججة، بعيدًا عن صحة نسبة الأحاديث للنبي محمد، أن مثل هذه الدعوات قد كانت ضرورية لرفاه الدولة الإسلامية في العصور الوسطى خاصة وأنها كانت دولة تتوسع جغرافيًا باستمرار بالاعتماد على جهود عسكرية تتطلب وجود تعداد سكاني كبير لدعمها.

حركة تحديد النسل في الولايات المتحدة

في بدايات القرن العشرين ونهايات القرن التاسع عشر ظهرت حركة تحديد النسل في الولايات المتحدة وقادتها ناشطات مثل مارجريت سانجر والعديد من زميلاتها، كانت سانجر تعمل ممرضة في عيادة موجودة في أحد الأحياء العشوائية في نيويورك، وشاهدت تأثير الحمل غير المنظم وحالات الاجهاض غير المصرحة أو المراقبة طبيًا على حياة النساء ورفاه عائلاتهم، وافتتحت مع زميلاتها ورفيقاتها في حركة تحرير النسل عيادة لتحديد النسل في المدينة،[25] كانت سانجر قد استلهمت من تجربة تحديد النسل التي كانت أكثر قبولًا مجتمعيًا وقانونيًا في دول أوروبية مثل هولندا. أغلقت السلطات عيادة سانجر بعد عدة أيام فقط لمخالفتها كومستوك الصادرة عام 1873 التي كانت تمنع استخدام هيئة البريد والعاملين فيها من أجل الترويج لأي مواد تحرض على نشر الرذيلة أو ارتكاب أي جريمة أو تحرض على استخدام وسائل منع الحمل، وفُسرت لاحقًا باعتبارها أساسًا لتجريم أي نشاط عن طريق أي وسيلة للترويج لوسائل منع الحمل، حيث اعتبرت وسائل منع الحمل وسيلة لنشر الرذيلة والانحلال الأخلاقي لأنها تشجع النساء على ممارسة الجنس خارج الزواج بدون الخوف من حدوث الحمل غير المرغوب. وقد اعتقلت سانجر استنادًا إلى قانون كومستوك وأدينت بتهم مثل نشر الرذيلة مع أختها إيثل بيرن وصديقتها فانيا مندل اللتان شاركتا في افتتاح العيادة وتقديم الخدمات فيها، وبعد عدة استئنافات ومحاكمات نجحت سانجر في انتزاع قرار قضائي شكل سابقة تاريخية قانونية، حيث استثنى قاضي الاستئناف تقديم خدمات منع الحمل المصرح بها من خلال طبيب ممارس من التجريم.

أبعاد أخلاقية واستعمارية في تجارب بوسطن وبورتو ريكو

قدم جريجوري بينكوس دواء "إينوفيد" Enovid كعلاج لاضطرابات الدورة الشهرية في خمسينات القرن الماضي، وكان ملزما بإجراء كم كافٍ من التجارب السريرية (على البشر) لاستخراج نتائج كافية لاعتماد الدواء من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قبل أن يتمكن من إيصال الدواء إلى السوق لأول مرة، كما أنه لاقى مشكلة في تمويل التجارب كذلك. تواصل بينكوس في 1954 مع زميله السابق في جامعة هارفارد جون روك وهو طبيب نسائية يعمل في مستشفى في مدينة بوسطن من أجل تجريب الدواء على المريضات في مستشفاه. لاحقًا أجرى بينكوس تجارب على مرضى في مصحة للأمراض العقلية والنفسية في بوسطن، وقد اختار الرجل هذا المكان بالذات من أجل تحاشي التعقيدات القانونية. ناشطة نسوية تُدعى كاثرين كورماك عرضت على مدير المستشفى في ذلك الوقت تمويل تجديد المستشفى في مقابل السماح بإجراء التجارب. أجرى بينكوس تجاربه على 16 سيدة من نزيلات المستشفى، وأجرى لكل منهن عملية استئصال للرحم من أجل دراسة تأثير الأدوية التي حقنهم بها على الاباضة معمليًا.[26] لقد دعمت نسويات مثل كورماك ومارجريت سانجر السلوك البحثي لجريجوري بينكوس انطلاقًا من أفكار يوجينية تدعم تحسين النسل بناء على انتخابات جينية، حيث يمكن استخدام وسائل منع العمل لتخفيض أعداد مجموعات سكانية مثل الفقراء والملونين والمصابين بالاضطرابات النفسية والعقلية،[27] ولا تزال هذه الأفكار محط جدال حتى الآن ويرفضها بعض المؤرخين كذلك.[28]

إلا أن تجارب بوسطن لم تكن كافية من حيث عدد المشاركين من أجل الحصول على ترخيص من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لتداول "إينوڤيد" في السوق. اختار جريجوري بينكوس السفر إلى بورتو ريكو في 1956 من أجل القيام بالمزيد من التجارب، بورتو ريكو تابعية أمريكية تخضع للقوانين الأمريكية ويمكن إجراء التجارب السريرية داخلها واعتماد نتائجها في هيئة الغذاء والدواء مع الأخذ بالاعتبار أن غالبية سكانها لاتينيون وقد ارتبطت بالولايات المتحدة عبر نشاط استيطاني استعماري بدأ منذ القرن التاسع عشر، وقد قامت طبيبة من بورتو ريكو هي إدرس رايس-راي تعمل مديرة لاتحاد تنظيم الأسرة بتسهيل الطريق أمام إجراء هذه التجارب.

كانت بورتو ريكو مكانًا مثاليًا بمعايير جريجوري بينكوس وزميله جون روك الذي شاركه في إجراء التجارب، حيث أن عدد سكانها كبير وكانت من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، وكان سكانها متعطشون لوسائل منع وتنظيم حمل آمنة وفعالة وفيها قوانين تسهل عملهم وتنتشر فيها عيادات تنظيم النسل كما أن مجتمعها كان فقيرًا ونسبة التعليم فيه منخفضة. وقد أجرى بينكوس تجارب على عدد كبير من النساء (حوالي 200 سيدة) وأثبتت تجاربه نجاح دوائه "إينوڤيد" وقام لأول مرة في بورتو ريكو بمزج المركب الإستروجيني مع المشتق البروجستيني في الدواء من أجل زيادة الفعالية، وبحسب تجاربه فإن نسبة نجاحه كانت 100%. نقلت إدرس رايس-راي مخاوفها لجريجوري بينكوس وجون روك بسبب الأعراض الجانبية الشديدة التي أظهرها عقارهم المانع للحمل، حيث أن 17% من النساء المشاركات في التجربة لمدة سنة كاملة قد اشتكين من أعراض جانبية متعددة مثل الغثيان والقيء والمغص والإرهاق. مع الأخذ بعين الاعتبار أن 70 سيدة لم تكمل التجارب كاملة بسبب هذه الأعراض الجانبية، وبالنسبة لبينكوس وروك فقد كانت هذه إدعاءات مبالغ فيها، لأن العدد القليل من المشاركين في تجارب الاينوفيد في بوسطن (بما فيهم مريضات نفسيات) لم يشتكوا من أي أعراض جانبية مماثلة لما تصفه رايس-راي. واعتبروا أن منشأ هذه الأعراض نفسي لا أكثر. جدير بالذكر أن أدلة جديدة كُشفت لاحقًا أثبتت أن كثيرًا من النساء المشاركات في تجارب بوسطن قد انسحبن من التجربة مبكرًا كذلك بسبب الأعراض الجانبية، وقد عبرت ممولة التجارب الناشطة النسوية كاثرين كورماك عن امتعاضها في رسالة أرسلتها لصديقتها مارجريت سانجر قالت فيها "أريد قفصًا من نساء في فترة الاباضة كي نجري عليهن التجارب".[26]

يُؤخذ بعين الاعتبار كذلك أن بينكوس قد دفع باتجاه استخدام جرعات عالية من البروجستين في دواء اينوفيد على السيدات المشاركات في التجربة من أجل ضمان نتائج سريعة ودرجة فعالية عالية بدون أي اهتمام بما ستسببه من أعراض جانبية، وقد ساعده في ذلك القوانين الفضفاضة التي نظمت التجارب الدوائية السريرية في ذلك الوقت حيث أن إجراء تجربة سريرية لاختبار دواء جديد لم يكن يتطلب حدًا واضحًا من اختبارات الأمان. ولم تتوقف المخالفات الأخلاقية لبينكوس وروك عند هذا الحد، فقد عُرف لاحقًا أن السيدات اللواتي شاركن في التجربة في بورتو ريكو لم يكن يعلمن أصلًا أنهم "عينات اختبار" لدواء جديد، وكل ما عرفنه أنهن سيتناولن دواءًا لمنع الحمل و/أو علاج اضطرابات الدورة الشهرية، بدون أي معلومات إضافية لا عن تأثيراته المتوقعة ولا أعراضه الجانبية. لقد توفيت ثلاثة سيدات من المشاركات في تجارب بورتو ريكو ولم يُجر أي تحقيق الحادثة ولم يعرف لحد الآن إن كانت وفاتهن مرتبطة بالتجربة أم لا، كما أن نتائجهم قد استبعدت من نتائج التجربة.

اتهم جريجوري بينكوس وجون روك لاحقًا بالخداع والتزييف واستغلال النساء الفقيرات والملونات من أجل إجراء تجارب غير أخلاقية. تجادل بعض المؤرخات أن القوانين الفضفاضة في بداية ومنتصف القرن العشرين قد سهلت إجراء تجارب علمية وطبية على البشر إلا أنه لا يمكن إنكار أن المجتمع العلمي والطبي كان أكثر قبولًا وميلًا لإجراء مثل هذه التجارب على المجتمعات الأكثر هشاشة، كالنساء والفقراء والمصابين بالأمراض العقلية. وبالنسبة لبينكوس وروك وممولتهم كاثرين ماكورماك كانت النتائج أهم بكثير من الوسيلة المستخدمة لتحقيقها، حتى لو تضمنت الوسائل انتهاك حرمة أجساد نساء مضطربات نفسيًا أو استغلال نساء فقيرات ملونات من مجتمع يخضع لاستعمار الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر.

المسؤولية الاجتماعية على النساء في منع الحمل

اعتبرت الناشطات النسويات من الموجة النسوية الأولى وسائل منع الحمل الفعالة ضرورة حيوية ومقدمة لحدوث ثورة جنسية، حيث ولأول مرة في التاريخ تسيطر النساء على خصوبتهن وأجسادهن ويحصلن على الحق في التحكم في الوقت المناسب للإنجاب بدون معرفة الرجل أو مشاركته في حدوث القرار. في سبيل ذلك دفعت ناشطات نسويات مثل مارجريت سانجر وكاثرين ماكورماك باتجاه حث وتمويل تجارب ذات أبعاد متطرفة أخلاقيًا يجريها علماء معروفون بأفكارهم الذكورية المعارضة للحرية الجنسية، في 1967 قام جريجوري بينكوس في مقابلة أنه يرفض منح الحرية الجنسية للنساء ويرفض منحها أيضًا للذكور وبالنسبة له فإن جهوده في ابتكار أول حبة لمنع الحمل كانت من أجل الإجابة على سؤال علمي لا اجتماعي.

لقد بدأت حركة تحديد النسل على أساس منح النساء القدرة على التحكم في أجسادهم، بالإضافة إلى أفكار الانتقاء الجيني التي لا تزال ادعاءات خاضعة للجدال، وعندما حققت حركة تحديد النسل أكبر نجاحاتها بدعمها لجهود انتاج حبوب منع الحمل وهي وسيلة رخيصة وفعالة، ظهرت معضلة أخرى مع انتشار حبوب منع الحمل وهي الأعراض الجانبية الكثيرة لاستخدامها لفترة طويلة. بالإضافة إلى تغيير الخطاب السائد في المجتمع الأبوي في ظل انتشار الحرية الجنسية نحو تحميل مسؤولية الحمل والتحكم به للنساء دونًا عن الرجال، ورفض الرجال غالبًا لاستخدام وسائل الحماية الحاجزية مثل الواقي الذكري. وبالإمكان استقراء مثل هذه المعضلة في حقيقة أن أكثر وسيلة منع حمل مستخدمة حاليًا في الولايات المتحدة هي التعقيم الدائم للإناث (18%) في مقابل (14%) لحبوب منع الحمل.

معضلة أخرى بخلاف الأعراض الجانبية أيضًا هي سيطرة الرجال، خاصة في المجتمعات النامية، على قرار استخدام وسائل منع الحمل حتى المخصصة للنساء منها، ولذا فإن ما تمنحه حبوب منع الحمل من تمكين للنساء يظل منقوصًا وغير فعال إلا تحت ظروف خاصة وفي مجتمعات محددة.


تحيزات طبية

جدير بالذكر أن عددًا من التجارب الخاصة بموانع الحمل الهرمونية كان تُجرى أيضًا على ذكور خصيصا من أجل فحص التأثيرات الفسيولوجية والأعراض الجانبية للأدوية على عينات اختبار محايدة، وعلى الرغم من الشكوك التي أثيرت حول هذا السلوك إلا أنه لا يزال مستمرًا، فالبديهي أن تثير هذه الأدوية أعراضًا جانبية مختلفة على الذكور خاصة وأنها بدائل لهرمونات طبيعية موجودة في أجساد الذكور بتراكيز أقل بكثير مقارنة بأجساد الإناث.

مصادر

  1. Anthony Comstock's "Chastity" Laws
  2. PBS: The Puerto Rico Pill Trials
  3. Enovid: The First Hormonal Birth Control Pill (1957–1988)
  4. PubMed Central: Contraceptive failure in the United States
  5. 5٫0 5٫1 5٫2 5٫3 M. Zieman & R. Hatcher - Managing Contraception
  6. Nurse Practitioner: November 1995 P77
  7. Contraceptive technology. 20th ed, P 779
  8. NHS: Side effects and risks of the combined pill
  9. Cancer Research UK: Does the contraceptive pill increase risk of cancer?
  10. Canadian Pharmacist Association: Contraceptive start methods (بروشور)
  11. ref>Ottawa Public health: EMERGENCY CONTRACEPTION (بروشور)
  12. Cleveland Clinic: Depo-Provera® (Birth Control Shot)
  13. WHO: Injectable contraceptives, what health workers need to know - كتيب
  14. Cleveland Clinic: Contraceptive Implant
  15. Instituto Bernabeu: Subdermal contraceptive implant – what is it, how does it work, how effective is it?
  16. NHS: Contraceptive patch
  17. Mayo Clinic: Birth control patch
  18. Cleveland Clinic: Birth Control Patch
  19. PICCK: Ring Info Sheet (Ar)
  20. Sexual Health Victoria: Hormonal Intrauterine Devices (IUDs)
  21. PubMed Central: Hormonal Approaches to Male contraception
  22. University of Minnesota, Twin Cities: First hormone-free male birth control pill clears another milestone
  23. المكتب المرجعي للسكان: الصحة الإنجابية والجنسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ص16
  24. الدرر السنية - الموسوعة الحديثية
  25. Arizona State University - Embryo Project Encyclopedia: First American Birth Control Clinic (The Brownsville Clinic), 1916
  26. 26٫0 26٫1 The Harvard Crimson: The Bitter Pill - Harvard and the Dark History of Birth Control
  27. History.com: The First Birth Control Pill Used Puerto Rican Women as Guinea Pigs
  28. What Margaret Sanger Really Said About Eugenics and Race