وسائل منع الحمل

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

وسائل منع الحمل(أيضا: وسائل تحديد النسل و وسائل تنظيم الأسرة) مجموعة من التقنيات والطرق الدوائية والميكانيكية والجراحية والسلوكية التي تستخدم لإعاقة عملية الإخصاب ومنع الحمل، إما عن طريق منع الإباضة، منع وصول الحيوانات المنوية إلى البويضة و/أو الرحم، أو منع التصاق البويضة المخصبة ببطانة الرحم. تعتمد وسائل منع الحمل على العديد من الآليات، وقد تجمع الوسيلة الواحدة بين أكثر من آلية في نفس الوقت. (بالإنجليزية: Birth Control)

تاريخ

طرق غريبة وغامضة عبر التاريخ

يعود تاريخ مفهوم منع الحمل إلى المرحلة المبكرة من تاريخ الحضارة البشرية، حيث وثقت الحضارات القديمة استخدام وسائل متعددة لمنع الحمل، كان المنطق ورائها إما حجز الحيوانات المنوية عن الرحم عن طريق أوراق الشجر أو الأقمشة والمواد الأخرى أو قتلها قبل الوصول إليه.

وثقت الحضارات القديمة استخدام وسائل متعددة لمنع الحمل، حيث يُطلى جوف المهبل بالعسل، أو توضع فيه أوراق شجرة الأكاسيا ومواد أخرى مثل فضلات التماسيح. استخدم المصريون القدماء بحسب بردية إبرس، المكتوبة في حوالي 1550 قبل الميلاد، معجونًا من التمر وأوراق الأكاسيا والعسل محشوًا داخل قماشة من الصوف كتحميلة مهبلية لمنع الحمل، إما كحاجز ضد المني أو كأداة لقتله. كما استخدمت نساء بعض القبائل الأفريقية أعشابًا ممضوغة أو قطعًا من القماش كحواجز مهبلية لمنع الحمل. بينما لجأت عاملات الجنس في اليابان إلى أنسجة مصنوعة من شجرة الخيزران (البامبو).

استُخدمت أيضًا قطع من أقمشة الحرير والكتان، إما لوحدها أو بعد حشوها بقطع من الاسفنج. اخترع بعض الأطباء المسلمين في العصور الوسطى وسائل لمنع الحمل، كان أغلبها تحاميل مهبلية مصنوعة من فضلات الفيل وأوراق نبات الملفوف والزفت والملح الصخري، ونصح بعضهم باستخدام العزل كذلك، أي السحب وإنهاء الإيلاج المهبلي قبل القذف.

وثقت بعض المصادر التاريخية محاولات أخرى لمنع الحمل بشرب خليط سائل من الرصاص والزئبق في دول شرق آسيا، لم يكن هذا المزيج مانعًا للحمل فحسب بل مسببًا لأعراض تسمم خطيرة، منها تلف الدماغ والفشل الكلوي والعقم. وفي اليونان، لجأت بعض النساء إلى التقلّب سبع مرات إلى الخلف ثم تشرب الماء الذي يستخدمه الحدادون في تبريد الحديد المطروق، وذلك بناء على تعليمات من طبيب يُدعى سورانوس، لم تكن معرفته عن التسمم بالمعادن أفضل حالًا من نظرائه في الصين واليابان.[1]

على العكس من سورانوس، وثق أطباء يونانيون آخرون وسائل أكثر فعالية لمنع الحمل تستخدم مستخلصات نباتية أثبتت التجارب فعاليتها. وكانت نبات "السلفيوم" إحدى أشهر هذه النباتات إذ استخدمت في اليونان منذ القرن السابع قبل الميلاد لمنع الحمل والإجهاض. كانت السلفيوم نبتة نادرة، لم يكتشفها اليونانيون إلا بالقرب من مدينة شحات على الساحل الليبي على المتوسط، وفشلت جميع محاولات استزراعها في أماكن أخرى، إلى أن انقرضت نهائيًا بسبب الطلب الكبير عليها. كما استخدم اليونانيون نباتات أخرى لمنع الحمل، منها السافوتيدا التي كانت تشبه السلفيوم في الخصائص والتأثير، واستخداموا أيضًا أمزجة عشبية تتشكل من أوراق وأزهار أشجار برية مثل النعنع والرمان والشيح والصفصاف وزهر الجزر البري المعروف باسم "دانتيل الملكة آن". كثير من هذه الأمزجة كانت سامة، لكن الأطباء اليونانيون تمكنوا من تحديد جرعات آمنة عبر لتجارب متكررة.

كما أثبتت دراسات حديثة أن نساء بعض قبائل السكان الأصليين لقارة أمريكا الشمالية استخدمن مستخلصات جذور نباتات عشبية محلية (لم تكن متوفرة في العالم القديم) من أجل التحكم في الخصوبة وتخفيف أعراض انقطاع الدورة الشهرية مثل نبتة الأقتى العنقودية Black cohosh.[2]

الوسائل الحاجزية في العصر الحديث

يعود أول توثيق لاستخدام الوسائل الحاجزية إلى بعض النصوص اليونانية التي ذكرت أن مينوس، ملك جزيرة كريت، كان يستخدم مثانات الحيوانات خلال الجماع من أجل حماية زوجته ومحظياته "من العقارب والأفاعي الموجودة في منيه."[3] وعلى الرغم من الطابع الخرافي لهذه القصة وسيرة مينوس الذي ورد ذكره في "إلياذة" هوميروس كأحد أبناء الإله زيوس، إلا أنا تعتبر إشارة مبكرة لاستخدام جلود وأعضاء الحيوانات لصناعة وسائل حماية حاجزية، ليست ضد الحمل ولكن ضد الأمراض المنقولة جنسيًا. ويُلاحظ أن الرواية تتحدث عن استخدام داخلي للواقي، حيث قيل أن زوجته باسيفه هي من وضعت مثانة الماعز داخل مهبلها لحجز مني زوجها المليء بالثعابين والعقارب عن رحمها، وهذا يعني أن أول توثيق لوسائل منع الحمل الحاجزية كان للواقي الأنثوي وليس للواقي الذكري.

شهدت القرون اللاحقة تطورًا في استخدام الواقي. مع بداية القرن السادس عشر وثق [4] قام بها الطبيب الإيطالي جابريللي فالوبينو (مكتشف قناة فالوب) أول تجربة عملية على 1100 رجل، لاختبار فعالية واقٍ ذكري مصنوع من الكتان استخدمه لتغطية جزء من القضيب بحيث يُربط بشريط ويُرطب باللعاب خلال الجماع. وقد أثبت هذا الواقي فعاليته في حماية جميع المستخدمين من المرض الفرنسي، وهو الاسم الذي كان يُطلق على السفلس في ذلك الوقت. وفي أوروبا الغربية، خلال السنين اللاحقة، استخدم الواقي الذكري المصنوع من أمعاء الحيوانات (الماعز والأبقار) لمنع الحمل. وقد تزايد استخدام الواقي الذكري بعد اختراع المطاط الصناعي على يد الأمريكي تشارلز جوديير في 1839 واختراع المطاط اللاتكس في 1920،[5] وقد وُظِّف هذا الابتكار لتطوير أدوات أخرى في مجال منع الحمل وطب النسائية والتوليد، مثل اللولب والأحجبة الحاجزة والمحاقن المهبلية.استخدم الطبيب الأمريكي تشارلز نولتون في 1832 العديد من المحاليل المائية التي تحتوي على الخل وأملاح الكلورايد وكبريتيت الزنك وكبريتات الألمونيوم والبوتاسيوم كموانع للحمل بعد الجماع.

حظرت قوانين كومستوك الصادرة في 1873 بيع الواقيات الذكرية المطاطية أو تداولها عبر البريد وكذلك تداول وتوزيع أي مواد متعلقة بمنع الحمل. إلا أنه في سبعينات القرن التاسع عشر كانت وسائل الحمل المطاطية وغيرها واسعة الانتشار في أوروبا والولايات المتحدة، وتتنوع بين العوازل الذكرية والحواجز الرحمية Diaphragms وأغطية عنق الرحم والاسفنجات المهبلية والمحاقن. وكانت تُباع في أمريكا بسهولة قبل صدور قانون كومستوك الذي حظر بيعها أو تداولها.

مع ظهور حركة تحديد النسل Birth Control Movement في الولايات المتحدة في نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين، سعت ناشطات الحركة مثل مارجريت سانجر الترويج لاستخدام وسائل منع الحمل. وافتتحت سانجر أول عيادة لتحديد النسل في نيويورك في 1916، لكن أغلقت العيادة بعد افتتاحها بتسعة أيام ووجهت لها تُهم بنشر الرذيلة.

في 1990، قدم الطبيب الدنماركي لاسي ليف هيسيل أول واق أنثوي حديث بدأ استخدامه في السوق الأوروبية واعتمدته هيئة الغذاء والدواء الأمريكية وسمحت بتداوله في 1993.[6] وعلى الرغم من فعاليته على تقديم حماية فعالة ضد الأمراض المنقولة جنسيًا إلا أنه لا يلقى رواجًا لاستخدامه مثل الواقي الذكري لأسباب تتعلق بصعوبة الاستخدام.


تاريخ استخدام الأجهزة داخل الرحم

بينما كان المطاط يزدهر في أمريكا كانت أوروبا تجرب وسائل مختلفة، في نهايات القرن التاسع عشر كان التحاميل المهبلية المعدنية والمطاطية منتشرة الاستخدام لعلاج بعض الحالات المرضية وقد استخدمت أحيانا كموانع للحمل، ولكن في 1909 قام طبيب ألماني يُدعى ريكارد ريكتر Richard Richter بزراعة حلقة مصنوعة من أمعاء دودة القز داخل رحم سيدة بهدف استخدامها كمانع للحمل، حيث كان هذه المرة الأولى التي يُستخدم فيها جهاز داخل رحمي Intrauterine device كوسيلة لمنع الحمل.

لم تنتشر تقنية ريكتر ولم تلق انتباهًا من المجتمع الطبي على الرغم من أن تقنيات مشابهة كانت قد ظهرت وأصبحت واسعة الانتشار في عشرينات القرن العشرين في إنجلترا والمستعمرات البريطانية من أستراليا إلى كندا،[7] أهمها حلقة جرافنبرج التي ابتكرها الألماني أرنست جرافنبرج والتي استخدمت أمعاء دودة القز أولًا ثم حلقة معدنية مصنوعة من الفضة الألمانية (مزيج من النحاس والنيكل والزنك). سافر جرافنبرج إلى أمريكا في منتصف الثلاثينات ولكنه نُصح بعدم استخدام تقنيته الجديدة لأسباب ثقافية واجتماعية، حيث اعتبر منع الحمل في أمريكا في ذلك الوقت، بعيدًا عن أفكار حركة تحديد النسل، رفاهية وليس ضرورة.

واجه استخدام اللولب بأي حال مشاكل جمة، منها تسببها في نقل أمراض مهبلية منقولة جنسيًا مثل السيلان، بالإضافة إلى إثارة الحلقات المعدنية التي استخدمت في صناعة الأجهزة داخل الرحم للحساسية وأمراض مهبلية أخرى (قبل البدء باستخدام اللولب النحاسي)، وقد اعتبر اللولب في ذلك الوقت جهازًا غير فعال، ويسبب الالتهاب والتحسس بالإضافة إلى احتمالية تسببه بسرطان الرحم، ولم يستخدمه في ذلك الوقت داخل الولايات المتحدة إلا عدد قليل من الأطباء بدون مرجعية طبية واضحة وبناء على تجارب شخصية. طبيب أمريكي يُدعى لازار مارجوليس حاول تجربة أداة جديدة مصنوعة من بولميرات بولي ايثلين بسماكة 6 ملم ولكنه توقف بسرعة بسبب الأعراض الجانبية التي شملت النزيف المهبلي والألم الشديد.

في ذات الفترة (نهاية الخمسينات) بدأ انتشار استخدام الجهاز وأجهزة مشابهة كانت عبارة عن تنويعات على حلقة جرافنبرج في اليابان، حيث نُشرت في أبريل 1959 في اليابان (وبعدها بسنة في الولايات المتحدة) نتائج دراسة موسعة شملت حوالي 20 ألف سيدة معظمهن في منتصف العشرينات من العمر استخدمن اللولب بنسب نجاح عالية وبدون أي مضاعفات، وأثبتت التجربة لأول مرة عدم وجود أي علاقة نهائيًا بين اللولب وسرطان الرحم. خلال السنوات اللاحقة بدأ الاهتمام العالمي بالأجهزة داخل الرحم يتصاعد، وقُدمت أشكال كثيرة للولب طيلة فترة الستينات، وفي عام 1970 قدم جايمي زيبر وهوارد تاتوم أول لولب نحاسي على شكل صليب (حرف T) والذي كان أكثر أنواع الأجهزة داخل الرحم فعالية وأمانًا.

استخدام موانع الحمل الهرمونية

ظلت الوسائل الحاجزية الخيار الوحيد لمنع الحمل حتى ستينات القرن العشرين، حيث حصل دواء إينوفيد Enovid على ترخيص للتداول كمانع للحمل في 1960 في الولايات المتحدة وفي 1962 في المملكة المتحدة بعد حوالي عقد من التجارب، ولاحقًا أصبحت الأدوية التي تحتوي على بدائل ومشتقات للهرمونات الأنثوية أكثر وسائل منع الحمل انتشارًا على مستوى العالم، وأصبحت تقدم للسيدات الراغبات باستخدام موانع الحمل الهرمونية بأشكال مختلفة. واجهت موانع الحمل الهرمونية ولا تزال الكثير من المشاكل بسبب أعراضها الجانبية، وقد استمرت الأبحاث طيلة العقود الماضية من أجل اكتشاف بدائل هرمونية آمنة وفعالة بأقصى درجة فعالية وبأقل درجة من الآثار الجانبية.

استخدام التعقيم بالجراحة

بدأ استخدام التعقيم تاريخيًا كوسيلة للتحكم في قدرة الرجال الجنسية وليس كوسيلة لمنع الحمل، وغالبًا ما كان يُستخدم كعقاب اجتماعي أو يُطبق على العبيد الذين يُختارون للخدمة في القصور الملكية والإمبراطورية في العصور القديمة والوسطى، حيث كان التعقيم وقتها يتم بالإخصاء، وكان الخصيان ظاهرة منتشرة في قصور العائلات الحاكمة من شرق آسيا حتى روما.

مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، بدأ التعقيم يدخل الإطار الطبي، وإن كان لا يزال في كثير من الأحيان قسريًا لا طوعيًا، حيث مورست سياسات تحسين النسل في المجتمعات الغربية وفي السياق الاستعماري بهدف السيطرة على مخاطر الزيادة السكانية والتحكم في ازدياد تعداد "المنبوذين" أو غير المرغوب بهم داخل المجتمع، ولا يزال التعقيم الإجباري الذي ترعاه سياسات حكومية مشكلة وواقعًا، وعلى سبيل المثال تفيد تقارير أن حوالي 20 ألف سيدة قد تعرضت لعمليات تعقيم خلال الفترة من 1909 - 1964 في كاليفورنيا، كان معظمهن نزيلات في مستشفيات الصحة النفسية في الولاية.[8]

أجريت أول عملية لقطع القناة الدافقة Vasectomy عند الرجال في 1894 في بريطانيا كإجراء علاجي لتضخم البروستاتا، وفي بداية القرن العشرين حاول طبيب نمساوي الترويج للعملية كوسيلة للحفاظ على الشباب ومنع الشيخوخة، كما أجريت أول عملية لربط قناة فالوب Tubal Ligation في 1880 في الولايات المتحدة، أجراها طبيب خلال عملية ولادة قيصرية. جابهت العمليتان كثيرًا من المعيقات، على الرغم من أن السياسات الحكومية قد دعمت استخدامها ضد نزلاء السجون ومستشفيات الصحة النفسية ضمن سياسات تحسين النسل، ولكن لم تكن العملية مقبولة كوسيلة لمنع الحمل إلا في نطاقات ضيقة وتحت اشتراطات محددة. وشهدت ستينيات وسبعينيات القرن العشرين تحولاً جذرياً في نظرة كثير من المجتمعات حول العالم للتعقيم، حيث أصبح وسيلة طوعية مقبولة لمنع الحمل، خاصة مع تطور الإجراءات الطبية، حيث أصبحت العملية الجراحية سهلة ولا تتطلب وقتًا طويلا ويمكن إجرائها بالمناظير.[9] وأصبحت عملية ربط قناة فالوب في 2022 أكثر وسائل منع الحمل استخدامًا على مستوى العالم (23%).[10]

الجدل حول وسائل منع الحمل

كانت وسائل منع الحمل ولا تزال مثارًا لجدل اجتماعي عميق قائم على رفض مطلق لها في مواجهة التوجهات الداعمة، سواء كانت أفكارًا نسوية أو فلسفات اجتماعية أو سياسات حكومية. وبالنسبة للكثير من المجتمعات تعتبر وسائل منع الحمل وخطط تنظيم الأسرة خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها إلا في سياقات محددة.

منع الحمل في السياق الديني

تختلف المواقف الدينية تجاه وسائل منع الحمل باختلاف العقائد والمدارس الفقهية. المسيحية،[11] خاصة الكاثوليكية، ترى في الخصوبة نعمة إلهية وتاريخيًا رفضت جميع أشكال منع الحمل الحديثة، مكتفية بقبول وسائل طبيعية لتنظيم النسل لضمان صحة الأم والأسرة، مع استثناء الكنيسة القبطية التي تسمح بالوسائل الصناعية. أما في الإسلام،[12] فيُسمح باستخدام وسائل منع الحمل لأغراض تنظيم النسل وحماية صحة الأمهات والأجنة، مع التشديد على التمييز بين تنظيم النسل وتحديده بشكل نهائي، وذلك استنادًا إلى الأحاديث النبوية التي تشجع على التكاثر. جدير بالذكر أن جميع هذه المذاهب ترفض بشكل قاطع أي ممارسة جنسية خارج الزواج وبالتالي ترفض بشكل قاطع كذلك أي استخدام لوسائل منع الحمل باعتبارها تحض على نشر الرذيلة وتشجع الأفراد على ممارسة الجنس خارج الزواج.

في المقابل، لا تضع الهندوسية قيودًا صريحة على منع الحمل رغم تشجيعها على الإنجاب، بينما ترفض البوذية أي وسيلة قد تؤدي إلى إجهاض بويضة مخصبة لاعتبارها بداية الحياة، لكنها تقبل الوسائل التي تمنع حدوث الإخصاب أساسًا.[13] [14]

مالتوس، من الانفجار السكاني إلى تحسين النسل وتنظيم الأسرة

في عام 1798 طرح توماس مالتوس نظريته التي توقعت أن النمو السكاني غير المنضبط سيتجاوز قدرة الأرض على توفير الغذاء، مؤديًا إلى الفقر والمجاعة. ورغم رفضه لوسائل منع الحمل بسبب خلفيته الثقافية كرجل دين إنجيلي، واكتفاءه بالدعوة إلى تبني ممارسات العفة الجنسية وتأخير الزواج، فقد ألهمت أفكاره حركات اجتماعية وسياسية في مطلع القرن العشرين سعت إلى تطوير وسائل فعالة لتحديد النسل، متقاطعة مع أفكار الموجة النسوية الأولى في الولايات المتحدة.

حركة تحديد النسل

في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قادت الناشطة النسوية والمدافعة عن حقوق تحديد النسل مارجريت سانجر حركة تحديد النسل في الولايات المتحدة بعد أن رأت سانجر آثار الحمل غير المنظم والإجهاض غير الآمن على النساء خلال عملها كممرضة في عيادة في إحدى المناطق العشوائية في نيويورك. افتتحت سانجر عيادة لتحديد النسل في نيويورك مستلهمة التجارب الأوروبية، لكن السلطات أغلقتها بسرعة استنادًا لقوانين كومستوك التي جرّمت الترويج لوسائل منع الحمل باعتبارها تشجيعًا على الرذيلة. اعتُقلت سانجر ورفيقاتها وأدينوا جميعًا بتهم مثل نشر الرذيلة، إلا أن الاستئنافات القضائية انتهت بقرار تاريخي سمح باستخدام وسائل منع الحمل إذا وُصفت من طبيب، مما فتح الطريق لتطور الحركة قانونيًا واجتماعيًا.

استمر الرفض القانوني لوسائل منع الحمل في الولايات المتحدة حتى 1965، حيث أسست قضية (جريزوولد ضد كونتيكيت) في المحكمة العليا الأمريكية لإبطال قوانين كومستوك إذ اعتبرت أن استخدام وسائل منع الحمل يندرج تحت حق الخصوصية الزوجية.[15] وبعد سبعة سنوات صدر قرار آخر عن المحكمة العليا أتاح استخدام وسائل منع الحمل لجميع الشركاء سواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين.[16]

بأي حال، وبصرف النظر عن الجدل العالمي حول وسائل منع الحمل واستخدامها، فإن 1.1 مليار امرأة وشابة في العالم في سن الإنجاب (15 - 49 سنة) تستخدم وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة بانتظام، وهذا يعني أن وسائل منع الحمل متوفرة لدى 57% من النساء في سن الإنجاب حول العالم.[17]

فعالية وفشل وسائل منع الحمل

تُقاس فعالية وسائل منع الحمل بقدرتها على منع الحمل غير المرغوب، ومن أجل الحصول على أرقام ذات دلالة إحصائية فعادة ما تُقاس هذه الفعالية عن طريق عدد حالات الحمل غير المرغوب التي تختبرها النساء المستخدمات لوسيلة محددة عند استخدامها بشكل منتظم لمدة سنة بشرط أن يكون الاستخدام خلال فترة نشاط جنسي منتظم. وعلى سبيل المثال، عندما يقُال أن نسبة فعالية اللولب الهرموني تصل إلى 99.4 - 99.8%[18] فذلك يعني أن سيدتين إلى ستة سيدات من ضمن ألف سيدة يستخدمن اللولب الهرموني قد يختبرن حدوث حمل غير مرغوب خلال السنة الأولى من استخدامه. وبذات الطريقة أيضًا يستخدم معكوس المفهوم الخاص بالفعالية لشرح احتمالية الفشل، أي فشل وسيلة منع الحمل، فيُقال أن نسبة فشل اللولب الهرموني هي 0.2 - 0.6%.

يعاني كثير من مستخدمات ومستخدمي وسائل منع الحمل المستخدمة بانتظام من عقبات تقلل من فعالية وسيلة منع الحمل، حيث أن بعض الوسائل التي تحقق نسب نجاح فائقة في بيئة مثالية خاضعة للتحكم تنخفض بسبب إهمال المستخدمين للوسائل في الحياة الواقعية، وهذا ما يُعبر عنه بمفاهيم الاستخدام المثالي (بالإنجليزية: Perfect Use) والاستخدام الواقعي (بالإنجليزية: Typical Use).

على سبيل المثال: تُحقق حبوب منع الحمل المزجية نسبة نجاح تصل إلى 99% عند استخدامها بشكل مثالي، ولكن تنخفض النسبة إلى حوالي 91%[19] فقط عند استخدامها بشكل واقعي، حيث أن المستخدمة معرضة لنسيان موعد الحبة أو تناولها في غير موعدها أو تناول الحبة مع أدوية أخرى تتداخل مع امتصاص وأيض البدائل الهرمونية مثل بعض أنواع المضادات الحيوية وأدوية الصرع، كما يمكن أن تتأثر فعالية الحبوب أيضًا بوجود حالات مرضية أخرى مثل القيء أو الإسهال الشديد.

جدير بالذكر أن هذه معدلات نجاح وفشل وسائل منع الحمل المختلفة غير ثابتة وتختلف بحسب الدراسة التي يُعتمد على بياناتها في إجراء الإحصاء الخاص بكل وسيلة.

أنواع وسائل منع الحمل

موانع الحمل الهرمونية

المقال الرئيسي لهذا الموضوع ”موانع حمل هرمونية

اكتشف منع الحمل الهرموني في خمسينات القرن العشرين، وقُدم أول مانع حمل هرموني على شكل حبة مزجية تحتوي على مركب بروجستيني ومشتق إستروجيني، تتميز موانع الحمل الهرمونية بتأثيرها المؤقت على الخصوبة وهو تأثير قابل للانعكاس بعد التوقف عن تناول الأدوية، وتطورت الأشكال الصيدلانية المختلفة لمنع الحمل على مدار العقود التالية، بحيث أصبحت أكثر استدامة وفعالية ولا تتطلب استخدامًا يوميًا. وتنقسم موانع الحمل الهرمونية عادة إلى نوعين رئيسين بحسب محتواها:

  • موانع حمل مزجية، تحتوي على بروجستين وإستروجين.
  • موانع حمل تحتوي على البروجستين فقط.


تعمل موانع الحمل الهرمونية على تثبيط إفراز هرمونات الغدة النخامية المسؤولة عن التبويض، وتزيد من سُمك الغشاء المخاطي لعنق الرحم وتقلص حجم بطانة الرحم، وتسبب تباطؤ حركة البويضات داخل قناة فالوب. تملك موانع الحمل الهرمونية نسب فعالية تتراوح ما بين 91% إلى 99% حسب دقة الاستخدام.


تختلف الأعراض الجانبية حسب محتوى الحبوب وتركيز الهرمونات فيها، الأعراض الجانبية الأكثر شيوعًا لموانع الحمل الهرمونية هي الصداع والغثيان والقيء والمغص وألم الثديين وظهور حب الشباب، يمكن أن تزيد موانع الحمل الهرمونية من مخاطر الإصابة بالنزف الحيضي الاختراقي والجلطات والخثرات الوريدية العميقة كما أنها تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم.

في حالة كان مانع الحمل يحتوي على البروجستين فقط فإنه يزيد من فرص الاصابة بنزف الدورة غير المنتظم حيث يؤدي انخفاض تركيز الاستروجين إلى خفض استقرار بطانة الرحم، ويستمر هذا العرض خلال الأشهر الأولى من الاستخدام المنتظم ولكن يختفي إلى حد انقطاع الحيض بشكل كامل بعد سنة من الاستخدام المتواصل (يظهر هذا الأثر عند استخدام حقن البروجستين).

حبوب منع الحمل

المقال الرئيسي لهذا الموضوع ”حبوب منع الحمل

تنقسم حبوب منع الحمل إلى نوعين رئيسين حسب المحتوى الدوائي:

  • حبوب مزجية (بروجستين وإستروجين)
  • حبوب البروجستين فقط

جميع أنواع الحبوب تستخدم بشكل يومي ومعظمها يستُخدم لمدة 21 يومًا خلال الدورة الشهرية. وفي بعض الحالات تُصمم الحبوب بحيث تستخدم بشكل منتظم طوال الشهر حيث يحتوي بعض الحبوب على موانع حمل ويحتوي بعضها الآخر (4 - 7 حبات) على علاج وهمي أو فيتامينات وحديد.

حقن منع الحمل

حقن طويلة الأمد تستخدم مرة واحدة شهريًا في حال كانت حقنًا مزجية تحتوي على بروجستين مع إستروجين أو مرة كل ثلاثة أشهر في حال كانت تحتوي على بروجستين فقط. تعتبر خيارًا مفيدًا في حالة النساء اللواتي يجدن صعوبة في الالتزام بالحبوب بشكل يومي خاصة وأن غالبية حالات فشل الحبوب في منع الحمل يتسبب بها نسيان تناول الجرعات بانتظام أو التأخر في عن موعدها اليومي.

الغرسة المانعة للحمل

جهاز يشبه عود الثقاب بطول 4 سم وسماكة 2 ملم يُزرع تحت الجلد يحتوي على بروجستين تستمر فعاليته ما بين ثلاثة إلى خمسة سنوات حسب النوع المستخدم. تطلق الغرسة مانع الحمل إلى الجسم بشكل تدريجي ومنتظم. تعتبر وسيلة فعالة وتصل نسبة نجاحها إلى 99%

اللصقة المانعة للحمل

لصقة مربعة الشكل تُوضع فوق الجلد تحتوي على بروجستين وتقوم بتحريره بالتدريج وببطئ ليمتصه الجسم عبر الجلد، تعتبر وسيلة فعالة وتصل نسبة نجاحها إلى 99% عند استخدامها بشكل صحيح ومثالي وتبلغ نسبة نجاحها الواقعية حوالي 92%، تواجه مستخدمات اللصقة أحيانًا مستوى أعلى من الأعراض الجانبية لأن الدواء يتحرر من اللصقة بشكل أسرع من المعدل المطلوب.

الحلقة المهبلية

حلقة بلاستيكية مرنة توضع داخل المهبل تحتوي على مزيج من البروجستين والإستروجين، يمكن أن تستخدمها السيدة بشكل ذاتي وبدون مساعدة طبية على أن تُستبدل الحلقة بانتظام مرة كل 3 أو 5 أسابيع حسب النوع.[20]

موانع حمل هرمونية للذكور

يمكن نظريًا منع الحمل عند الذكور عن طريق استخدام منتظم لهرمون التستوستيرون أو مزج التستوستيرون مع مركب بروجستيني. أثبتت التجارب فعالية عالية لمزيج تستوتسيرون مع بروجتسين في تخفيض عدد الحيوانات المنوية عند مستوى أقل من 3 ملايين حيوان منوي لكل مللي ليتر في كل قذفة بعد أربعة أسابيع من الاستخدام، كما أن الأعراض الجانبية التي يتسبب بها التستوستيرون يمكن الحد منها عن طريق التحكم في الجرعة وهي لا تختلف من حيث الحدة عن الأعراض الجانبية التي تضطر النساء لتحملها عند تناول حبوب البروجستين والإستروجين. لا يوجد بدائل للتستوستيرون يمكن استخدامها عن طريق البلع والنسخ المصنعة من الهرمون لحد الآن تستخدم عن طريق الحقن فقط.[21]

في مارس 2025 نشرت جامعة مينسوتا نتائج لمادة تجريبية تحمل الاسم الرمزي YCT-529 أظهرت نتائج واعدة في منع الحمل وتخفيض أعداد الحيوانات المنوية عند عينات التجارب المعملية (فئران وقردة عليا) لا يعتبر YCT-529 بديلا هرمونيًا ويعمل عن طريق التأثير على مستقبلات حمض الريتونيك من النوع ألفا RARα ولا يزال لحد الآن في طور التجارب.[22]

موانع الحمل الحاجزية

موانع الحمل الحاجزية (بالإنجليزية: Barrier Contraceptives) هي وسائل لمنع الحمل تهدف لمنع الاتصال بين الحيوان المنوي والبويضة عن طريق تشكيل حاجز بين القضيب والرحم (أو المهبل) خلال الجماع.

الواقي الذكري

المقال الرئيسي لهذا الموضوع ”واق ذكري

غلالة رقيقة تستخدم لتغليف القضيب عند انتصابه وتعمل كحاجز بينه وبين المهبل خلال الجماع. يُصنع الواقي الذكري غالبًا من المطاط اللاتكس،[23] ويمكن أن يُصنع من مواد أخرى مثل البولي يوريثان والبولي أيزوبرين وكلاهما متاح لاستخدام الذكور الذين يعانون من الحساسية الجلدية ضد اللاتكس. في بعض الأحيان يُضاف إلى الواقي الذكري مواد مبيدة للحيوانات المنوية Spermicides أو مخدر موضعي للمساعدة في تأخير القذف خلال الجماع، كما يمكن أن يحاط خارجيًا بمزلق Lubricant لمنع الاحتكاك مع جدار المهبل والذي قد ينتج عنه تمزق للواقي وفشل لوسيلة منع الحمل.

تصل فعالية الواقي الذكري إلى حوالي 97% عند استخدامه بشكل صحيح ومثالي، ويمكن أن تنخفض النسبة لحد 79 – 82 %، خاصة لو تمزق الواقي أو لم يُستخدم منذ بداية الجماع. تمتلك الواقيات (وهو ما ينطبق على الواقيات الذكرية والأنثوية على السواء) ميزة لا تتوافر في أي وسيلة منع حمل أخرى، وهي قدرتها على الحماية من انتقال الأمراض المنقولة جنسيًا مثل الإيدز والهربس والعدوات البكتيرية.

تحمي الواقيات الذكرية النساء من احتمالية التعرض للآثار الجانبية لموانع الحمل الهرمونية، كما أنها رخيصة الثمن ومتوفرة وآمنة ونادرًا ما تسبب أي أعراض جانبية. يعتبر الواقي الذكري ثاني أكثر وسائل منع الحمل استخدامًا على مستوى العالم.

يجب أن يُستخدم الواقي الذكري بعد التأكد من عدم انقضاء تاريخ صلاحيته، والتأكد من أن الواقي في وضعيته الصحيحة بحيث يكون مطويًا للخارج، عند وضع الواقي على القضيب يُفضل التأكد من انطباقه بشكل كامل على الحشفة قبل عكس طيته ليغلف باقي القضيب.

الواقي الأنثوي

المقال الرئيسي لهذا الموضوع ”واق أنثوي

تسمى أحيانا بالواقيات الداخلية (بالإنجليزية: Female or Internal condoms)، وهي تستخدم للجنس المهبلي أو الشرجي على السواء، أنبوبة رقيقة مصنوعة من البولي يوريثان أو النيتريل وهي مواد خاملة لا تسبب التحسس، يكون لها نهاية مفتوحة تظل ظاهرة خارج الجسم (فتحة المهبل أو الشرج) ونهاية مغلقة فيها حلقة بلاستيكية.

يمكن ارتداء الواقي الأنثوي قبل بداية الجماع وهو يعمل بذات المبدأ الذي تعمل به الواقيات الذكرية (الخارجية)، حيث يشكل حاجزًا بين الحيوانات المنوية والبويضة فيمنع الإخصاب كما أنه يحمي أيضًا من الأمراض المنقولة جنسيا. تصل فعاليته لمنع الحمل عند الاستخدام بشكل مثالي إلى 95% وتنخفض إلى 79% للاستخدام الواقعي، وهي نسب لا قريبة من نسب فعالية الواقي الذكري. يتميز الواقي الأنثوي عن الذكري بإمكانية ارتدائه قبل بداية الجماع (الواقي الذكري يُشترط لارتدائه حدوث الانتصاب).

عند الاستخدام يجب التأكد أولًا من عدم انقضاء صلاحية الواقي قبل الاستخدام، ويجب التأكد من عدم حدوث أي تمزق فيه، تُضغط الحلقة البلاستكية في النهاية المغلقة من الواقي وتستخدم لإيلاج الواقي إلى داخل المهبل بالاصبع (تُزال الحلقة في حالة استخدام الواقي شرجيًا)، ويُحتفظ بالفتحة الخارجية من الواقي خارج الجسم. خلال الجماع يجب الحرص على أن يظل القضيب محاطًا بالواقي من كل اتجاه، وألا يضغط الواقي إلى الداخل بحيث تختفي فتحته الخارجية داخل الجسم.[24]

غطاء عنق الرحم

وسيلة منع حمل حاجزية، كأس صغيرة مصنوعة من السيلكون يبلغ قطرها 2.5 - 3.3 سم تشبه قبعة البحار، والمقصود بها أن تحتوي على إطار مطوي للخارج (انظر الصورة) والإطار له حافتان إحداهما أطول من الأخرى. يوضع الغطاء داخل المهبل بحيث يتموضع داخل عنق الرحم ويعمل كحاجز يمنع وصول الحيوانات المنوية إلى داخل الرحم. يعتبر وسيلة آمنة وفعالة وكثيرًا ما يُنصح به للفتيات المراهقات. يحتاج استخدام غطاء عنق الرحم إلى تدريب مسبق وعادة ما يحتاج عند شرائه إلى وصفة طبية (على العكس من الواقيات الذكرية). تبلغ فعاليته حوالي 92% عند استخدامه بشكل مثالي، ولكن فعاليته الحقيقية تصل إلى 87%. عادة ما يُستخدم غطاء عنق الرحم مع مبيد للنطاف لضمان فعالية أكبر. يمكن أن يظل الغطاء داخل الرحم لمدة تصل إلى 48 ساعة متواصلة. يمكن إعادة استخدام الغطاء مرة أخرى بعد إخراجه بشرط غسله وتعقيمه.[25]

يتوفر غطاء عنق الرحم بثلاثة قياسات مختلفة، بحيث يستخدم القياس الصغير للنساء اللواتي لم يختبرن الحمل، والمتوسط للنساء اللواتي اختبرن الحمل سابقًا ولكن لم يلدن ولادة طبيعية، والكبير للنساء اللواتي اختبرن الولادة الطبيعية من قبل، وبأي حال فإن البعض يفضل استخدام الحجاب الحاجز في حالة النساء اللواتي اختبرن الحمل والولادة الطبيعية من قبل لكونه يغطي مساحة أكبر غطاء عنق الرحم.

طريقة الاستخدام
  • تغسل اليدين بشكل جيد بالماء والصابون، ومن ثم يُفحص الغطاء للتأكد من سلامته.
  • يوضع مقدار ربع ملعقة من مبيد النطاف (غالبًا على شكل هلام Gel أو كريم) داخل تجويف الكأس، ونصف ملعقة أخرى في الجهة الأخرى من الكأس، في التجويف بين القبة والحافة
  • يُفحص تجويف المهبل بالإصبع لمعرفة الحد الذي ينتهي عنده ويبدأ عنق الرحم لمعرفة العمق الصحيح الذي يجب أن يتموضع عنده الكأس.
  • يوضع الكأس بحيث يكون تجويفها مقابلًا لعنق الرحم بينما القبة إلى الخارج. يجب أن يدخل الطرف الأطول للحافة الخارجية في البداية
  • يجب الحرص على تغطية غطاء عنق الرحم بالكامل.[26]
  • يُدخل الغطاء داخل المهبل خلال 15 دقيقة قبل الجماع (وبحد أقصى خلال ساعتين) ويظل لمدة 6 ساعات على الأقل بعد الانتهاء منه، ويمكن إضافة المزيد من مبيد النطاف إلى المهبل عند تكرار الجماع أكثر من مرة. الحد الأقصى الذي يمكن أن يظل فيه الغطاء داخل الرحم هو 48 ساعة.[27]


الحجاب الحاجز الرحمي

وسيلة منع حمل حاجزية، قرص مرن على شكل قبة، يبلغ قطره 6 - 9 سم مصنوع من المطاط اللاتكس أو السيليكون، يوضع داخل المهبل بحيث يغطي عنق الرحم بالكامل بالإضافة إلى الجدار المهبلي المجاور. يعتبر أنسب للنساء اللواتي اختبرن الحمل والولادة، يجب أن يستخدم، مثل غطاء عنق الرحم، مع مبيد النطاف، وتبلغ فعاليته 94% عند الاستخدام المثالي و 88% عند الاستخدام الواقعي.

يشابه الحجاب الحاجز غطاء عنق الرحم في طريقة الاستخدام، مع فارق أن مبيد النطاف يُوضع على جهة واحدة فقط،[28] كما يجب الحصول على تدريب قبل الاستخدام من طبيبة أو ممرضة ممارسة ولا يُباع عادة في الصيدليات بدون وصفة طبية.

يُدخل[27] الحجاب الحاجز إلى داخل المهبل خلال 15 دقيقة قبل الجماع (وبحد أقصى خلال ساعتين) ويظل لمدة 6 ساعات على الأقل بعد الانتهاء منه، يمكن أن يُضاف المزيد من مبيد النطاف إلى المهبل في حال تكرر الجماع، ولا يجب أن تتجاوز فترة وجود الحجاب الحاجز داخل المهبل أكثر من 24 ساعة.

الاسفنجة المانعة للحمل

وسيلة منع حمل حاجزية، اسفنجة بلاستيكية دائرية طرية قابلة للضغط. تُبلل بالماء ويضاف إليها مبيد للنطاف قبل استخدامها وتوضع داخل المهبل بحيث تغطي غطاء عنق الرحم، تعمل الاسفنجة كحاجز لمنع وصول المني للرحم، ويجب خلطها بمبيد النطاف لضمان فعاليتها. تصل فعاليتها إلى 90% عند استخدامها بشكل مثالي للنساء اللواتي لم يختبرن الحمل والولادة، وإلى 80% للأمهات، وعند استخدامها بشكل واقعي فإن نسبة فعاليتها تصل إلى 86% للنساء اللواتي لم يختبرن الحمل والولادة وإلى 78% للأمهات. يمكن الحصول على الاسفنجة المانعة للحمل بدون وصفة طبية.[29]

تُدخل الاسفنجة قبل الجماع (بحد أقصى قبل ساعتين) ويجب أن تظل داخل المهبل لمدة 6 ساعات بعد آخر جماع ويمكن أن تظل داخل المهبل لمدة أكثر من 30 ساعة.

الأجهزة داخل الرحم

الأجهزة داخل الرحم أو اللولب الرحمي (بالإنجليزية: Intrauterine Device IUDs) هو وسيلة منع حمل طويلة الأمد، جهاز على شكل حرف T يُزرع داخل الرحم ويمنع الحمل بآليات متعددة حسب نوعه والمادة المستخدمة في صناعته. تصل نسبة فعالية اللولب إلى 99.4 - 99.8 % حسب نوعه.

اللولب النحاسي

مصنوع من معدن النحاس، يُطلق أيونات النحاس داخل الرحم التي تملك تأثيرًا سامًا ضد الحيوانات المنوية وتعمل على تغيير طبيعة مخاط عنق الرحم فيصعب من دخول الحيوانات المنوية إلى الرحم، أيضًا يتداخل اللولب مع البويضات ويمنع التصاقها ببطانة الرحم، ولكن هذه لا تعتبر آلية التأثير الوحيدة. يتميز اللولب النحاسي باستدامته وفعاليته، ويمكن أن يستمر وجود اللولب داخل الرحم لمدة 12 سنة متواصلة،[30] كما أن فعاليته تصل إلى 99.4%.

يمكن أن يتسبب اللولب النحاسي ببعض الأعراض الجانبية: بعد تركيبه مباشرة قد تشعر مستخدمة اللولب بألم مشابه لألم الدورة لعدة أيام، كما أن الدورات الشهرية تصبح أطول ونزفها أكثر كثافة، وهو عرض يتوقف في غالب الأوقات بعد عدة أشهر. يمكن أن يسبب اللولب أيضًا التهابات فطرية.[31]

اللولب الهرموني

يتكون من البلاستيك ويتخذ ذات الشكل الصليبي المشابه للولب النحاسي ولكنه يحتوي على مركب بروجستيني (عادة ما يكون "بروجستوجين" progestogen) يقوم بتحريره بشكل تدريجي لمنع الحمل. يعتبر اللولب الهرموني أكثر وسائل منع الحمل الهرمونية تأثيرًا واستدامة، ويمكن أن تستمر فعاليته حتى ثمانية سنوات بنسبة نجاح تصل إلى 99.4 - 99.8% حسب النوع المستخدم.

مبيدات النطاف

مواد كيميائية تعمل على قتل الحيوانات المنوية أو إبطاء سرعتها والتداخل مع قدرتها على تخصيب البويضة، تستخدم غالبًا برفقة وسيلة منع حمل أخرى، وتتوفر على شكل هلام Gel أو كريم أو رغوة Foam أو تحاميل أو شرائح فلمية موضعية Film، ويوضع مبيد النطاف داخل المهبل قبل الجماع.

تبلغ نسبة فعالية مبيدات النطاف حوالي 82% عند استخدامها بشكل مثالي، وتنخفض إلى 72% للاستخدام الواقعي. ولذا فلا يُفضل استخدامها بشكل منفرد وبدون وجود وسيلة حماية أخرى. تُباع مبيدات النطاف بمختلف أشكالها بدون وصفة طبية.[32]

منع الحمل الطارئ

وسائل لمنع الحمل تستخدم في حالة وقوع جماع غير محمي أو في حال فشل وسيلة منع الحمل المستخدمة خلال الجماع، وتستخدم هذه الوسائل خلال فترة 72 ساعة إلى 120 ساعة بعد حدوث الجماع، ولا تعتبر وسيلة للإجهاض. تعتبر وسائل منع الحمل الطارئة في غاية الضرورة من أجل منع حالات الإجهاض القصدي، تفيد الاحصاءات أن أكثر من 50 ألف سيدة وفتاة في الولايات المتحدة لوحدها استخدمن وسائل منع الحمل الطارئة خلال سنة واحدة.[20]

الحبة الطارئة
تحتوي على ليفونورجستريل (بروجستين) أو أوليبرستال (مركب غير هرموني) بجرعة عالية وتُؤخذ في حالة الجماع غير المحمي (بدون واق أو وسيلة منع حمل أخرى)، تستخدم خلال أول 72 ساعة بعد الجماع.
اللولب الطارئ
يتم تركيب لولب نحاسي خلال فترة أول خمسة أيام (120 ساعة) بعد الجماع.

التعقيم بالجراحة

التعقيم بالجراحة هو وسيلة منع حمل دائمة لا يمكن عكس آثارها، تفقد على إثرها المرأة أو الرجل خصوبتهمن بشكل دائم. من ضمن جميع أنواع وسائل منع الحمل يعتبر التعقيم أكثرها إثارة للجدل وترفضه معظم المرجعيات الدينية بسبب ديمومته، كما أن كثيرًا من الدول الغربية التي تسمح به اليوم كانت سابقًا تضع اشتراطات معقدة من أجل السماح به فلم يكن يسمح بإجراء التعقيم الجراحي بدون ضرورة طبية إلا في حال كانت العائلة قد أنجبت عددًا معينًا من الأبناء وبعد أن يتجاوز سن الخاضع/ـة للتعقيم حدًا أدنى. يُجرى التعقيم عند الإناث عن طريق ربط قناة فالوب وعند الذكور عن طريق قطع القناة الدافقة

ربط قناة فالوب

ربط قناة فالوب (بالإنجليزية: Tubal Ligation) قطع أو إغلاق قناتي فالوب (الأنبوبين اللذين ينقلان البويضة من المبيض إلى الرحم) بحيث لا تتمكن البويضة من الوصول إلى الرحم. يُعد هذا الإجراء أحد وسائل التعقيم الأنثوي، ويُنفَّذ عادةً عبر الجراحة التقليدية أو التنظير البطني، ويمكن أن يتم مباشرة بعد الولادة أو كعملية مستقلة.

يعتبر ربط قناة فالوب أكثر وسائل منع الحمل استخدامًا على الإطلاق في جميع أنحاء العالم، وتستخدمه 23% من النساء اللواتي يستخدمن وسيلة لمنع الحمل خلال فترة نشاطهن الجنسي، وعلى الرغم من أنه وسيلة دائمة من الناحية النظرية إلا أن نسبة ضئيلة من النساء يُبلغن عن حدوث حالات الحمل غير المرغوب. وتبلغ نسبة فشل جراحة ربط قناة فالوب حوالي 0.4% (4 نساء من كل 1000 امرأة).

قطع القناة الدافقة

قطع القناة الدافقة (بالإنجليزية: Vasectomy) هو إجراء جراحي بسيط ودائم لمنع الحمل عند الرجال، يتم فيه قطع أو إغلاق القناة الدافقة المسؤولة عن نقل الحيوانات المنوية من الخصيتين إلى السائل المنوي. بعد العملية، يستمر الرجل في القذف بشكل طبيعي، لكن السائل المنوي لا يحتوي على حيوانات منوية، وبالتالي لا يحدث إخصاب. يُعتبر هذا الإجراء أحد أشكال التعقيم الذكري، ويُنفَّذ عادة تحت تخدير موضعي، ويتميز بفعاليته العالية وبكونه أقل تعقيدًا من تعقيم النساء.

تبلغ نسبة فشل التعقيم الذكري حوالي 0.10 - 0.15%[33]

فشل التعقيم

قد يتعرض الأفراد الذين يجرون عملية تعقيم دائمة لخطر حدوث الحمل مرة أخرى بسبب أحد الأسباب التالية:

  • إعادة التئام القناة Recanalization: ويمكن أن يحدث ذلك بعد قطع القناة الدافقة[34] وربط قناة فالوب[35] على السواء.
  • ممارسة الجنس المبكرة بعد عملية قطع القناة الدافقة: يستلزم ممارسة الجنس المحمي باستخدام وسائل منع حمل إضافية لمدة ثلاثة أشهر بعد إجراء العملية، ثم إجراء فحص لتعداد الحيوانات المنوية في السائل المنوي للتأكد من خلوه من أي حيوانات منوية بعد العملية.
  • الفشل الجراحي: خطأ طبي ينتج عنه عدم ربط القنوات بشكل دقيق.
  • الحمل المنتبذ خارج الرحم: لا تؤثر عملية ربط قناة فالوب على نشاط المبايض أو الدورة الشهرية ويمكن أن يحدث في حالات نادرة بعد قطع القناة حمل منتبذ خارج الرحم.[36]

وسائل منع الحمل الطبيعية

مجموعة من وسائل منع الحمل تستند على مراقبة (واستغلال) العمليات الفسيولوجية الطبيعية للجسم، بحيث يُحقق منع الحمل بدون الاعتماد على أي أدوية أو أدوات حماية مساعدة، أو من خلال ممارسات جنسية لا تتضمن قذف المني داخل المهبل.

العزل

العزل أو الإخراج قبل القذف (بالإنجليزية: Coitus interruptus or Withdrawal)، أي إيقاف الإيلاج المهبلي خلال الجماع مع استخدام وسيلة أخرى لاستمرار الاستثارة حتى القذف. واحدة من أقدم وسائل تنظيم الحمل وتعتبر وسيلة مقبولة مجتمعيًا ودينيا لمنع الحمل وتنظيم الأسرة، وفي التاريخ الإسلامي فإن العزل ممارسة معروفة بالرغم من أن جمهور العلماء يعتبره سلوكًا مكروهًا بين الأزواج إلا عند وجود عذر شرعي وبعد موافقة الزوجة.[37]

في حال نجاح العزل وتأديته بشكل مثالي فإن نسبة نجاحه تصل إلى 96%، أما واقعيًا فلا تزيد نسبة نجاحه عن 78% فقط، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالية حدوث القذف المبكر pre-ejaculate وهو سائل شفاف تفرزه غدة كوبر Cowper gland قبل القذف لتعديل حموضة مجرى البول ويحمل معه في بعض الأحيان جزء من الحيوانات المنوية ويمكن أن يتسبب بالحمل.[38]


تقويم الدورة الشهرية

تعتمد هذه الطريقة على حصر الجماع غير المحمي فقط خارج أيام مرحلة الإباضة من الدورة الشهرية، وتزيد دقتها في حال كانت الدورة الشهرية منتظمة، أي أن كل دورة شهرية واحدة تنقضي دومًا خلال ذات العدد من الأيام دائمًا بدون أي اختلاف، مع تحقيق شرط ألا يقل عدد أيام الدورة الشهرية عن 26 يوم ولا يزيد عن 32 يوم. تبلغ فعالية هذه الطريقة 95% عند استخدامها بشكل مثالي، وتنخفض إلى 88% للاستخدام الواقعي.

طريقة تتبع الدورات المنتظمة (القياسية)

تحتسب السيدة 8 أيام منذ اليوم الأول من الدورة الشهرية ويكون اليوم الثامن هو اليوم الذي تبدأ فيه مرحلة الإباضة وتتوقف فيه عن ممارسة الجماع غير المحمي (إما أن تتوقف نهائيًا أو تستخدم وسيلة منع حمل أخرى)، وتستمر في الامتناع حتى اليوم التاسع عشر من الدورة الشهرية. وتكون هذه الأيام بالذات، من اليوم الثامن حتى اليوم التاسع عشر، هي أيام الامتناع عن ممارسة الجماع.

يمكن أن تستخدم النساء عند ممارسة هذه الطريقة تقويمًا فعليًا أو إليكترونيًا أو تستخدم أحد تطبيقات تتبع الدورة الشهرية المخصصة للهواتف الذكية. بعض النساء تستخدم مسبحة ملونة تحتوي على 33 خرزة مخصصة لتتبع أيام الدورة الشهرية، تكون الخرزات المخصصة لأيام الإباضة بلون مختلف عن الخرزات المخصصة لبقية أيام الدورة، مع حلقة مطاطية سوداء تحركها السيدة من خرزة إلى أخرى كل يوم من أجل تتبع في أي يوم تقع دورتها الشهرية.

تتبع الدورات غير المنتظمة

في حال كانت الدورة الشهرية غير منتظمة يمكن استخدام طريقة التقويم ولكن بعد تسجيل معلومات وبيانات ستة دورات شهرية متتالية على الأقل، ويُشترط أن تكون أغلبية الدورات الشهرية خلال الشهور الستة أطول من 26 يومًا.

لتحديد أول يوم في الإباضة: بعد انتهاء التتبع تختار السيدة أقصر دورة شهرية خلال الشهور الستة، وتحسم من عدد أيامها 18، ويكون الناتج هو عدد الأيام الذي سينقضي قبل بداية الإباضة بعد بدء الدورة الشهرية. أول يوم في الإباضة: أقصر دورة - 19

أما لتحديد آخر يوم في الإباضة: بعد انتهاء التتبع تختار السيدة أطول دورة شهرية هلال الشهور الستة، وتحسم من عدد ايامها 11، ويكون الناتج هو عدد الأيام الذي سينقضي قبل انتهاء الإباضة بعد بدء الدورة الشهرية. آخر يوم في الإباضة: أطول دورة - 11

مثال توضيحي:

لنفرض أن سيدة تتبعت دورتها الشهرية لمدة ستة أشهر، وقد كان عدد أيام دورتها الشهرية خلال الشهور الستة طبقًا للآتي:

  1. الدورة الأولى: 29 يوم
  2. الدورة الثانية: 29 يوم
  3. الدورة الثالثة: 30 يوم
  4. الدورة الرابعة: 29 يوم
  5. الدورة الخامسة: 27 يوم
  6. الدورة السادسة: 28 يوم

لتحديد أول يوم في الإباضة:

أقصر دورة شهرية هي الدورة الخامسة ومدتها 27 يومًا

تحسم السيدة المعنية مدة 18 يومًا من أقصر دورة شهرية: 27 - 18 = 9

وهذا يعني أن اليوم التاسع من كل دورة شهرية هو اليوم الأول للإباضة.

لتحديد آخر يوم في الإباضة:

أطول دورة شهرية هي الدورة الثالثة ومدتها 30 يومًا

تحسم السيدة المعنية مدة 11 يومًا من أطول دورة شهرية: 30 - 11 = 19

وهذا يعني أن اليوم التاسع عشر من كل دورة شهرية هو اليوم الأخير للإباضة.

لنفترض أن الدورة الشهرية السابعة للسيدة المعنية ستبدأ في يوم 14 آذار/مارس.

أول يوم في الإباضة: 9 أيام بعد 14 مارس = 22 مارس (مع الأخذ بالاعتبار أن يوم 14 مارس هو أول يوم في الدورة)

آخر يوم في الإباضة: 19 يوم بعد 14 مارس = 1 أبريل (مع الأخذ بالاعتبار أن يوم 14 مارس هو أول يوم في الدورة)

وبالتالي تمتنع السيدة عن ممارسة الجماع غير المحمي خلال الفترة ما بين 22 مارس حتى 1 أبريل خلال هذه الدورة الشهرية.[39]

قياس درجة الحرارة الأساسية

قياس درجة الحرارة الأساسية (بالإنجليزية: Basal Body Temperature) لجسم المرأة بشكل يومي من أجل مراقبة التغيرات الطفيفة على درجة الحرارة، والتي تكون مؤشرًا على بداية وانتهاء أيام الإباضة. المبدأ الذي تعتمد عليه هذه الطريقة هي التغير التغير الطفيف الذي يطرأ على درجة الحرارة الطبيعية من خلال افراز هرمون الإستروجين والذي يبدأ إفرازه بالارتفاع بعد الإباضة.

تحتاج السيدة إلى قياس درجة حرارتها بشكل يومي عند الاستيقاظ من النوم، ويفضل استخدام مقياس حرارة قاعدي إلكتروني (حساس حتى درجتين عشريتين) مع الاستمرار بقياس درجة الحرارة يومًا في نفس المكان (الفم، المهبل، أو الشرج)، وعدم تغيير المكان أبدًا خلال ذات الدورة الشهرية، ويفضل أن تُؤخذ القياسات دائمًا عند ذات الموعد كل صباح وأن تؤخذ القياسات قبل ممارسة أي نشاط. عادة ما تبلغ الاختلافات في درجة الحرارة ما بين ثلاثة أعشار الدرجة المئوية ونصف الدرجة فقط، وعلى الرغم من هامش الاختلاف المنخفض إلا أنه قابل للتتبع.

يبدأ القياس عند اليوم الأول من الدورة الشهرية، وتبدأ درجة الحرارة بالارتفاع عند زيادة إفراز هرمون الاستروجين، وعند ملاحظة الارتفاع لمدة ثلاثة أيام مستمرة يمكن وقتها ممارسة الجماع غير المحمي بدون استخدام وسائل منع حمل إضافية.

تبلغ درجة فعالية هذه الوسيلة حوالي 99% عند استخدامها بشكل مثالي، ولكن تنخفض إلى 75% عند الاستخدام الواقعي،[40] جدير بالذكر أن دقة هذه الوسيلة تعتمد على ظروف متعددة يصعب تأمينها، أهمها دقة موازين درجة الحرارة، واحتمالية ارتفاع درجة حرارة الجسم بسبب مؤثرات أخرى بخلاف التغيرات الهرمونية.

تتبع مخاط عنق الرحم

يفرز عنق الرحم مادة مخاطية يتغير لونها وقوامها بشكل دوري مع مراحل الدورة الشهرية المختلفة، ويتيح تتبع التغيرات في شكل المخاط معرفة الوقت المناسب للامتناع عن الجماع غير المحمي والوقت الذي تزيد فيه الإباضة. في حالة دورة منتظمة مدتها 28 يوم، تظهر التغيرات التالية على مخاط عنق الرحم:

  • الأيام 1 إلى 4: بعد انتهاء الحيض، يصبح الإفراز جافًا، تسمى هذه الأيام عادة بالأيام الجافة.
  • الأيام 5 و 6: لزج. رطب قليلًا ولونه أبيض.
  • الأيام 7 إلى 9: كريمي، بقوام يشبه الزبادي. رطب ومعكّر.
  • الأيام 10 إلى 14: مطاطي ويشبه بياض البيض النيئ. زلق ورطب جدًا. (المرحلة التي تحدث فيها الإباضة)، وتنتج عن زيادة إفراز الإستروجين
  • الأيام 15 إلى 28: جاف (أو شبه جاف) حتى حدوث الحيض. مرحلة ما بعد الإباضة، وتنتج عن انخفاض هرمون الإستروجين وزيادة إفراز البروجسترون.[41]

يجب التوقف عن الجماع غير المحمي بعد ظهور المخاط أول مرة بعد بداية الدورة (يكون الجماع آمنًا خلال الأيام الجافة)، ويمكن العودة إلى الجماع بعد بلوغ المخاط ذروته ويبدأ بالظهور جافًا وعكرًا. في مرحلة الأيام الجافة، يجب أن يكون الجماع يومًا بعد يوم كحد أقصى، وذلك حتى لا يحدث خلط أو ارتباك بين مخاط عنق الرحم والمني.

يمكن فحص مخاط عنق الرحم بعد طرق، منها فحص الملابس الداخلية من أجل تتبع الإفرازات، أو مسح المهبل بورق أبيض كل يوم صباحًا (قبل التبول)، أو وضع إصبع داخل المهبل من أجل الشعور إخراج جزء من المخاط.

تبلغ فعالية هذه الوسيلة 96% عند استخدامها بشكل مثالي، وتنخفض إلى 86% للاستخدام الواقعي.

تتبع المخاط والحرارة معًا

دمج كلا الطريقتين السابقتين سويًا (بالإنجليزية: Symptothermal method)، وذلك من أجل تأكيد الأيام المُثلى التي يمكن ممارسة الجماع غير المحمي فيها بأمان باستخدام مؤشر درجة حرارة الجسم ومؤشر مخاط عنق الرحم، بحيث يُمارس الجماع غير المحمي فقط في الأيام التي تتفق المؤشرات الحيوية الخاصة بكلا الطريقتين على اعتبارها أيامًا آمنة. ترتفع فعالية وسيلة منع الحمل التي تدمج بين تتبع مخاط عنق الرحم وتتبع درجة حرارة الجسم الأساسية إلى أكثر 99% عند استخدامها بشكل مثالي، و98% للاستخدام الواقعي.

الإمتناع عن الإيلاج المهبلي خلال الجماع

يستخدم الإمتناع عن الإيلاج المهبلي خلال الجماع في بعض الأحيان كوسيلة لتلافي خطر الحمل، وتنتشر هذه الطريقة بين المراهقين والشركاء غير الراغبين في الزواج. تختلف نوايا الشركاء الذين يمارسون هذا السلوك بحسب السياق الثقافي والاجتماعي، ففي بعض الأحيان تكون الفتيات والنساء مدفوعة بالرغبة في عدم ممارسة سلوك جنسي قد يمس بعذريتها أو يكشف ممارستها للجنس أمام زوجها المستقبلي، ولذا فإن السياق يحدد هل تعتبر هذه الممارسات الجنسية وسيلة طبيعية لمنع الحمل أم لا. وتحيط بهذه الممارسات بعض المعلومات المغلوطة المتعلقة بقدرتها على التسبب بالحمل، وقد يرجع سببها غالبًا إلى واقع أنها ممارسات منتشرة بين حديثي السن ممن لا يملكون ثقافة جنسية مكتملة. إن خطر التعرض للحمل من أي ممارسة جنسية مرتبط بوصول السائل المنوي إلى داخل المهبل، وفي حال تلافي هذا الحدث فإن وقوع الحمل أمر مستحيل، ولذا فإن القذف داخل الشرج لا يؤدي إلى الحمل وكذلك ابتلاع المني. ويؤخذ بالاعتبار هنا حالات نادرة قد يقع فيها الحمل خلال الجنس الشرجي إذا ما انتقل جزء من المني من فتحة الشرج إلى المهبل.[38]

استخدام الرضاعة الطبيعية لمنع الحمل

يمكن استخدام انقطاع الطمث الإرضاعي (بالإنجليزية: Lactational Amenorrhea) كوسيلة طبيعية لمنع الحمل، وذلك باستغلال فترة انقطاع الطمث (التي قد تستمر إلى ستة أشهر) بعد الولادة في حال حرصت الأم على إرضاع طفلها حديث الولادة طبيعيًا بانتظام.[38]

تفرز الغدة النخامية هرمون برولاكتين Prolactin المسؤول عن تحفيز الغدد المسؤولة عن إفراز الحليب في الثديين، ويلعب هذا الهرمون أيضًا دورًا مهما في تثبيت هرمون GnRH الذي يفرزه الوطاء والمسؤول عن تحفيز إفراز هرمونات LH و FSH من الغدة النخامية، وكلاهما مسؤول عن تنظيم الدورة الشهرية ومراحلها المختلفة. أي أنه وبدون هذه الهرمونات من الأصل لن تحدث دورة شهرية من الأساس وسينقطع الطمث، وفي حال وجود مستويات مرتفعة من برولاكتين في الدم فإن هذه الهرمونات لن تُفرز أبدًا. يستمر هذا الانقطاع لمدة ستة أشهر بعد الولادة في حال كانت الرضاعة منتظمة.

لكي تنجح هذه الطريقة كوسيلة منع للحمل يجب الحرص على إبقاء مستويات هرمون برولاكتين دائمًا في ارتفاع دائم، إن محفز إفراز برولاكتين هو الرضاعة نفسها، وعندما يرضع الطفل يرسل الثدي إشارات عصبية إلى الغدة النخامية تعمل على حث إفراز المزيد من البرولاكتين والذي يؤثر على غدد إفراز الحليب في الثديين من أجل تجهيز المزيد من الحليب من أجل الرضعة التالية.

قد تكون هذه الطريقة فعالة جدًا وذات تأثير مضمون وتصل فعاليتها إلى ذات فعالية موانع الحمل الهرمونية ولكن يُشترط تطبيق جميع الشروط التالية:

  • الاعتماد بشكل حصري على الرضاعة الطبيعية مع عدم استخدام أي مغذيات أو وسائل مساعدة أخرى، ويشمل ذلك الشاي العشبي والمغذيات الإضافية مثل السيرلاك والحليب الصناعي واللهايات واستخدام مضخة الثدي لاستخراج الحليب.
  • أن يكون الطفل أصغر من ستة أشهر، وفي حال اقترب عمره من الشهر السادس يتوجب على الأم استخدام وسائل منع حمل إضافية، حيث ترتفع احتمالية عودة الدورة الشهرية والإباضة حتى لو كانت مستويات البرولاكتين مرتفعة.
  • أن لا يفصل بين كل رضعة وأخرى فترة زمنية تزيد عن أربعة ساعات حتى لو شمل ذلك فترة نوم الطفل خلال الليل، وفي حالة بدأ الطفل ينام فترة زمنية أطول من أربعة ساعات قد تتوقف فعالية الطريقة وتزداد نسبة فشلها.

في حال الالتزام بالتعليمات السابقة تبلغ نسبة فعالية الرضاعة الطبيعية كوسيلة منع للحمل 98%.[42]

أهمية وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة

تمثل وسائل منع الحمل ركيزة أساسية للصحة الجنسية، ويمتد أثرها على حياة النساء بشكل واسع فهي تمنحهن القدرة على التحكم في أجسادهن وقراراتهن وممارسة نمط حياة حر خالي من مخاطر الحمل غير المرغوب والإجهاض بدون الاضطرار للانصياع للقيم الاجتماعية.

كما أنها ركيزة أساسية للصحة الإنجابية، وقد يكون لتنظيم الأسرة أهمية بالنسبة للدول لأسباب اقتصادية وسياسية إلا أن وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة تعود أيضًا بالفائدة على المرأة ذاتها وتحقق لها استفادة على مستويات عدة جسدية ونفسية وعلى مستوى دورها في رعاية أسرتها وتحقيقها لذاتها كفرد فاعل في المجتمع بما يتجاوز دور الأمومة.

مخاطر الولادات المتكررة

تحتاج كل أم إلى فترة من الراحة بين كل ولادة وأخرى لا يجب أن تقل عن 24 شهرًا على الأقل. خلال هذه الفترة تستطيع الأم تكريس مزيد من الوقت من أجل رعاية طفلها حديث الولادة، كما تمنح جسدها وجهازها التناسلي فرصة للتعافي بشكل تام وصحيح.

وقد تنتج عن الولادات المتكررة (خمسة ولادات أو أكثر للأم الواحدة)[43] مخاطر متفاوتة، خاصة إذا كانت الولادات متقاربة بدون أي تنظيم Birth spacing (ثلاثة إلى خمسة سنوات بين كل ولادة وأخرى):

  1. استنزاف مستمر للعناصر الغذائية داخل الجسم وظهور أعراض سوء التغذية، ويؤدي ذلك إلى أمراض مثل الأنيميا وترقق (هشاشة) العظام.
  2. ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض السكري والضغط.
  3. ارتفاع معدلات وفاة الأمهات خلال الولادة، والتي تزيد مع الولادات المتكررة المتقاربةـ حيث أن خطر الوفاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة عند النساء اللواتي أنجبن خمسة مرات أكثر بمرة ونصف إلى ثلاثة مرات من النساء اللواتي أنجبن ثلاثة مرات فقط.
  4. تتسبب الولادات المتكررة أيضًا بالإصابة بحالات مرضية مختلفة مثل: هبوط أعضاء الحوض، النزيف الحاد بعد الولادة Postpartum haemorrhage، تمزق الرحم (خاصة في حالة الولادات المتقاربة)، انزياح وتقلص المشيمة وغيرها.

يؤثر أيضًا الحمل والميلاد المتكرران على صحة الأجنة، وقد تتسبب في:

  1. الولادات المبكرة (أي الولادة قبل إتمام 37 أسبوع بداية من آخر دورة شهرية قبل الحمل)، وقد ينتج عنها ولادة أطفال ناقصي النمو وقد تتعرض الأجنة لمخاطر صحية مزمنة.
  2. نقص وزن الطفل، وذلك بسبب سوء التغذية ونقص المعادن والفيتامينات في جسد الأم الحامل.
  3. ارتفاع معدلات وفيات الأطفال حديثي الولادة.

خدمات تنظيم الأسرة

ترتفع معدلات الولادة والخصوبة دائمًا داخل المجتمعات النامية والفقيرة، وينطبق ذلك على دول العالم الثالث وعلى المجتمعات الهامشية داخل الدول الغربية على السواء، فمعدلات الخصوبة لدى الأقليات الإثنية والعرقية في أوروبا والولايات المتحدة أعلى من مثيلاتها لدى السكان البيض، وبالتالي فإن مخاطر الولادة المتكررة ترتفع بالذات داخل هذه المجتمعات.[44]

لا تقتصر أسباب ارتفاع معدلات الخصوبة في هذا السياق على العوامل الاقتصادية فقط، بل تكون مدفوعة أيضًا بعوامل اجتماعية وثقافية ودينية، حيث لا تمثل قضايا مثل صحة المرأة الجسدية والنفسية هاجسًا كبيرًا بالنسبة للمجتمعات الأبوية.

طالعوا كذلك

مراجع

  1. Trent McNmara - Birth Control and American Modernity (A History of Popular Ideas), The Long History of Birth Control
  2. Maria Tanyag - The Global Politics of Sexual and Reproductive Health
  3. The Handbook of Contraception, A Guide for Practical Management
  4. Mimi Zieman, Robert Hatcher - Managing Contraception
  5. Khalida Itriyeva - The normal menstrual cycle, Curr Probl Pediatr Adolesc Health Care 2022
  6. صفاء خالد زين - تنظيم الحمل في الفقه الإسلامي (رسالة غير منشورة، جامعة النجاح)

مصادر

  1. Webmd: The History of Birth Control
  2. healthline: The History of Birth Control in the United States
  3. PMC: The Story of the Condom
  4. Gabriele Falloppio, De morbo gallico liber
  5. PBS: A Timeline of Contraception
  6. The Atlantic: The Enduring Unpopularity of the Female Condom
  7. PubMed: History of intrauterine devices
  8. Forced Sterilizations: A Long and Sordid History
  9. A History of Birth Control Methods (Katharine Dexter McCormick Library and the Education Division of Planned Parenthood Federation of America)
  10. Contraception across the world (2022)
  11. رسالة القديس جيروم (الرسالة 22)
  12. المكتب المرجعي للسكان: الصحة الإنجابية والجنسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ص16
  13. BBC Birth control in Hinduism
  14. BBC Birth Control in Buddhism
  15. قرار المحكمة العليا الأمريكية (جريزوولد ضد كونتيكيت)
  16. قرار المحكمة العليا الأمريكية: أيزنستادت ضد بايرد
  17. WHO: Family planning/contraception methods
  18. وثيقة:ما مدى فعالية منع الحمل؟
  19. unintended pregnancy - Nurse Practitioner Vol. 20, No.11
  20. 20٫0 20٫1 M. Zieman & R. Hatcher - Managing Contraception
  21. PubMed Central: Hormonal Approaches to Male contraception, Christina Wang and Ronald S Swerdloff
  22. University of Minnesota, Twin Cities: First hormone-free male birth control pill clears another milestone
  23. Cleveland Clinic: Condoms
  24. What is Female condom and How does it work?
  25. plannedparenthood.org: Cervical Cap
  26. How to use the FemCap
  27. 27٫0 27٫1 أدلة MSD: وسائل منع الحمل الحاجزية
  28. plannedparenthood.org: Diaphragm
  29. plannedparenthood.org: Birth Control Sponge
  30. What are non-hormonal IUDs?
  31. NHS: Side effects of an IUD (intrauterine device) or copper coil
  32. plannedparenthood.org: Spermicide
  33. Unintended Pregnancies, Nurse Practitioner, Nov 1995, P77
  34. Frontiers in Medical Case Reports: Recanalization of Vas Deferens and Pregnancy One Year After Negative Post Vasectomy Semen Analysis Followed by Positive and Then Negative Semen Analysis: A Case Report
  35. Medical News Today: Pregnancy after Tubal Ligation
  36. PubMed: Ectopic pregnancy after tubal sterilization
  37. الأصل في العزل الكراهة إلا لعذر، ويباح بإذن الزوجة
  38. 38٫0 38٫1 38٫2 Webmed: Birth control myths
  39. plannedparenthood.org: Fertility Awareness
  40. Basal Body Temperature Monitoring Contraceptive Method
  41. Cleveland Clinic: Cervical Mucus
  42. Harvard health publishing: Can breastfeeding really prevent pregnancy?
  43. Contraception and Reproduction: Health Consequences for Women and Children in the Developing World.
  44. Data from the Pregnancy Mortality Surveillance System